lundi 10 octobre 2011

التعبير

تعريف التعبير: هو القالب الذي يصب فيه الإنسان أفكاره بلغة سليمة ، وتصوير جميل ، وهو الغاية من تعليم اللغة ، ففروع اللغة كلها وسائل للتعبير الصحيح بنوعيه الشفهي والتحريري
وهي من دلائل ثقافة الطالب وقدرته على التعبير عن أفكاره بعبارة سليمة بليغة ، ولذلك كان التعبير من أهم ما يجب أن يهتم به معلم اللغة . وغرض التعبير يتمثل في تعويد التلاميذ على حسن التفكير ، وجودته
وللتعبير ركنان أساسيان : معنوي ، ولفضي ، أما المعنوي فهو الأفكار التي يعبر عنها. وأما اللفظي فهو الألفاظ والعبارات التي يمكن التعبير بها عن أفكار . والركنان مرتبطان ببعض . حيث ترتبط الأفكار بوسائل التعبير اللفظي المختلفة موضوعات التعبير نوعان
أ -الإبداعي : ويسمى الإنشائي يعرض فيه المبدع أفكاره ومشاعره ، وخبراته الخاصة ويقوم على الانفعال والعاطفة والإبداع في اللغة واستخدام الإبانة
 ب -الوظيفي : ويسمى بالنفعي ، ويعبر عما يجري في حياة الناس وتنظيم شؤونهم ، ولا يعتمد على العاطفة أو التأثر وإنما يؤدي وظائف حياتيه
وكلا النوعين تتطلبه ظرورات الحياة ، فالوظيفي يفي بمتطلبات الحياة وشؤونها المادية والاجتماعية ، والإبداعي يعين الطالب على التعبير عن نفسه وتصوير مشاعره تعبيراً وتصويرا يعكسان ذاتيته . ويبرزان شخصيته

أهمية التعبير
التعبير بنوعية الشفهي والتحريري يعد ضرورة للفرد والمجتمع ، والإنسان لا يستغني عنه في مراحل حياته المختلفة ، كما أن التعبير غاية وبقية فروع اللغة وسيلة ، فجميع فروع اللغة تصب في التعبير ؛ فمن خلال التعبير نستطيع أن نحكم على الشخص في جوانب مختلفة ، ولهذا فأن التعبير يعطينا صورة صادقة عن شخصية الإنسان الذي يكتب أو يتحدث ونلاحظ أن جميع فروع اللغة تخدم فرعاً واحداً وهو التعبير ويستمد التعبير أهميته من جوانب أهمها
أ - أنه أهم الغايات المنشودة من دراسة اللغات ، لأنه وسيلة الإفهام وهو أحد جانبي عملية التفاهم
 ب -أنه وسيلة لاتصال الفرد بغيره وأداة لتقوية الروابط الفكرية والاجتماعية بين الأفراد 
 ج -أنه يغطي فنين من فنون اللغة هما الحديث والكتابة ، ويعتمد امتلاك زمامهما على فني اللغة الآخرين الاستمتاع والقراءة

 د -أن للعجز عن التعبير أثر كبير في إخفاق التلاميذ ، وفقد الثقة بالنفس ، وتأخر نموهم الاجتماعي والفكري
 ه -أن عدم الدقة في التعبير يترتب عليه فوات الفرص وضياع الفائدة 
و -أنه وسيلة لاتصال بين الفرد والجماعة، فبواسطته يستطيع إفهامهم ما يريد 
ي -أن التعبير عماد الشخص في تحقيق ذاتيته وشخصيته وتفاعله مع غيره
 م -أن الكلمة المعبرة عماد الرواد والقادة ولو لم يملكوها ما سلكوا الطريق إلى العقول والقلوب 
ن -أن التعبير الجيد من أسس التفوق الدراسي في المجال اللغوي وفي غيره . فإذا تفوق التلميذ في تعبيره تفوق في دراسته اللغوية وفي حياته الدراسية ، بل تفوق فيما بعدها من الحياة العملية

كيفية النهوض بتدريس التعبير في مدارسنا
 أ -إعطاء الطلاب الحرية في اختيار الموضوعات عند الكتابة ، وخلق الدافع للتعبير وخلق المناسبات الطبيعية التي تدفع التلاميذ للكتابة أو التحدث
 ب -ربط موضوعات التعبير ببقية فروع اللغة وبالمواد الدراسية الأخرى ، وتوظيف موضوعات الأدب والقراءة في ذلك
 ج -تعويد التلاميذ على الإطلاع والقراءة ، حتى تتسع دائرة ثقافة التلاميذ ، وبالتالي يكون لديهم قدر من الأفكار والألفاظ التي تعينهم بالكتابة والتحدث
 د -المناقشات التي تعقب مواقف القراءة والكتابة والتعبير الشفهي حول ما تتضمنه من معان ، وأفكار وكلمات مناسبة
 ه -كثرة التدريب على التحدث والكتابة ، وإزالة الخوف والتردد من نفوس التلاميذ بشتى الطرق الممكنة

و -تفهم التلاميذ أبعاد الموضوع التعبيري وارتفاع لغة الحديث لدى المعلم ، كلها تسهم في ارتفاع المستوى التعبيري لديهم
 ي -تصحيح الأخطاء ، وتقويم الأسلوب والارتقاء به ، وتكوين الثروة اللغوية وإثراءها 
الأمور التي ينبغي مراعاتها في تدريس التعبير
 أ -ينبغي أن نركز اهتمامنا على المعنى لا على اللفظ ، أي أن يهتم المعلم بالأفكار . ورغم أهمية اللفظ إلا أنه خادم للفكرة معبر عنها
 ب -ينبغي أن يتم تعليم التعبير في مواقف طبيعية مثل المواقف التي يستعمل فيها التلميذ اللغة في حياته
 ج -تخصيص حصص معينه للتدريب على ألوان النشاط اللغوي المختلف
 د -استغلال المواقف العرضية }الغير مقصودة { في تدريب التلاميذ على ممارسة التعبير وتوجيههم للتعبير عن أنفسهم أولاً . وإمدادهم بالخبرات اللازمة التي تساعدهم على ذلك
 ه -تزويد التلاميذ بحساسية المواقف المختلفة ككتابة رسالة ، أو مذكرة أو حكاية
 و -يجب على المعلم أن يهتم بتعبيره حين يكتب أو يتكلم فهو نموذج للتعبير الواضح البسيط
 ي -ينبغي وضع معايير ومستويات أمام التلاميذ في الغايات المطلوب وصولهم إليهم أو وصول إنتاجهم إلى حد معين
 م -توظيف فروع اللغة في تعليم التعبير ، والعمل على إزالة الخوف والتردد في نفوس التلاميذ
 ن -الوقوف على الأخطاء الشائعة في التعبير الكتابي أو الشفهي حسب ترتيب الأخطاء وأهميتها
 ك -تذليل كل العقبات التي تثبط رغبة التلميذ في الكلام أو الكتابة
 ل -ينبغي على المعلم أن يعطي التلاميذ الحرية في تعيرهم حتى يعبروا عن أنفسهم لا عما يريده المعلم
 أخطاء يقع فيها معلمو اللغة العربية
أ -نجد أن كثيرا من المعلمين يتركون التلاميذ يكتبون في المنزل ، وهذا خطأ لأنه يعتمد على غيره عند كتابة التعبير غالباً ، والصواب كتابة التعبير للتلاميذ في الصف
 ب -اختيار المعلمين لموضوعات غير حيوية مكررة وبالتي لا يستفيدون منها بالقدر الكافي . فمثلاً ــ اكتب عن موضوع الحج ونحن نقول ممكن أن نتناول هذا الموضوع بطريقة أخرى غير المعتادة حيث نعرض فلماً عن الحج وعند الإنتهاء منه يكتب الطلاب عما شاهدوه
 ج -وضع حصص التعبير في آخر اليوم الدراسي ، وهذا يؤثر على أداء التلاميذ ويقلل من رغبتهم في الاهتمام بحصة التعبير لقلة الاهتمام بها من جانب المدرسة والمعلم نفسه 
د -إن المعلمين لا يعرفون تلاميذهم . بمكونات الموضوع في التعبير الكتابي ، وكيف يكتبون ، وكيف ينظمون أفكارهم
 ه -عدم ربط فروع اللغة العربية والاستفادة منها في درس التعبير
 و -عدم استغلال حصص التعبير للتدريب على مجالات التعبير المختلفة ، مثل الرسائل والبرقيات وملء الاستمارات وإدارة اللقاءات
ي -إتباع طرق غير سليمة عند تصحيح كراسات التلاميذ ، وبالتالي يؤدي إلى عدم تصحيح التلاميذ لأخطائهم في الموضوعات القادمة
 م -إن التلاميذ لا تتاح لهم فرصة الكتابة في الموضوعات التي يميلون إليها ولا في اختيار موضوع من عدة موضوعات وإنما يركز على موضوع واحد
 ن -لا تستغل حصة التعبير الكتابي للتدريب على مهارات التعبير الكتابي ، وهي كثيرة وتتصل بالمهارات الخاصة ببناء الموضوع ، والمهارات الخاصة بكتابة الموضوع ، مثل علامات الترقيم ، وأدوات الربط من حروف عطف وحروف جر ، كيفية تنظيم الأفكار وترتيبها ، ومهارات متصلة بالنواحي التركيبية والنحوية مثل : خلو الموضوع من الأخطاء النحوية
 ك -إسناد تدريس مادة التعبير إلى معلم غير متخصص ، بحجة زيادة نصاب المعلمين

 ل -أن كثيراً من المعلمين لا يستطيعون أن يعدوا درساً في مادة التعبير
 ر -تهميش دور المكتبة المدرسية ، والتقليل من أهميتها ودورها في مادة التعبير
أهداف التعبير في المرحلة الابتدائية
يهدف تعليم التعبير إلى تحقيق الأهداف التالية
تقوية لغة التلميذ وتنميتها وتمكينه من التعبير السليم عن خواطر نفسية وحاجاتها شفهياً وكتابياً 
تنمية التفكير وتنشيطه وتنظيمه والعمل على تغذية خيال التلميذ بعناصر النمو والابتكار
تنمية شخصية التلميذ وتفتحها للعيش في المجتمع بفعالية ويسر ونفس راضية مطمئنة
تعليم التعبير في المرحلة الابتدائية
التعبير كما مر بنا هو القالب الذي يصب في الإنسان خلاصة أفكاره بعبارات وألفاظ متناسقة ، وتصوير جميل ، وهو الغاية من تعليم اللغة . ولهذا كان التعبير من أهم فروع اللغة التي يجب أن يدرب عليها الناشئون ليصبحوا قادرين على التعبير عما يجول بخواطرهم
وفي هذا الفصل سوف نتناول مراحل تدريب التلاميذ على التعبير في المرحلة الابتدائية ويمكن تقسيم هذه المرحلة الدراسية إلى حلقات ثلاث هي
الحلقة الأولى ( وتشمل الصف الأول والثاني
الحلقة الثانية ( وتشمل الصف الثالث والرابع
الحلقة الثالثة ( وتشمل الصف الخامس والسادس
الحلقة الأولى
يسود التعبير الشفهي في هذه الحلقة ، وذلك لعدم قدرة التلاميذ على التعبير الكتابي ، ويمكن أن يكون التعبير الشفهي على الصورة التالية
أ) موضوعات التعبير الشفهي الحر
أ -حديث التلاميذ بمحض حريتهم واختيارهم عن شئ يدركونه بحواسهم في المنزل أو المدرسة أو الشارع

ب -الأخبار التي يلقيها التلاميذ في الفصل كحادثة وحكاية …… ويكون الحديث على هيئة خبر يلقيه تلميذ على زملائه ، وتعقبه مناقشات يشترك فيها الجميع ، أو محادثة في صورة أسئلة يوجهها الأطفال والمعلم إلى صاحب الخبر ليجيب عنها

 ج -وقد يشترك المعلم أحيانا بإلقاء خبر على تلاميذه ، ينتزعه مما يرضي حاجات الطفولة وميولها
ب?) موضوعات التعبير الشفهي المقيد
أ -التعبير عن القصص بعد إلقائها عليهم !وذلك بإعادة التلاميذ سردها أو بإجابتهم عن بعض الأسئلة التي توجه إليهم ، أو تمثيلهم لقصة إن كانت صالحة للتمثيل ، أو تكميل النقص فيها إذا كنت قد ألقيت عليهم ناقصة
ب -التعبير عن الصور : وذلك بأن يعرض المعلم على التلاميذ مجموعة من الصور المناسبة لهم ، أو يرشدهم إلى مواضعها في الكتب ويطالبهم بالتحدث عنها
 ج -خلق بعض المواقف التي تثير السؤال أو التعجب أو الإجابة على سؤال حجرة الصف أو خارجه مع الحرص على توجيههم التوجيه السليم
د -كيفية التعامل باستخدام الألفاظ المهذبة المناسبة للمواقف منها ، من فظلك – إذا سمحت – أتأذن لي ؟
الحلقة الثانية
يدرب التلاميذ في هذه الحلقة على التعبيرين : الشفهي والكتابي ، أما التعبير الشفهي فيسير على نمط الحلقة الأولى ، من حيث اختيار الموضوعات وألوان التعبير ، ولكن بصورة أوسع ، وأسلوب أرقى ، وذلك لاتساع أفق التلميذ ، ونمو أفكاره ، وتقدم ملاحظته ، وزيادة محصوله اللغوي
عند التصحيح لكراسات الإنشاء التحريري على المعلم مراعاة
 أ -إشراك التلميذ في تصحيح خطأه بقدر الإمكان
 ب -الاهتمام بالفكرة قبل اللغة
 ج -إصلاح الأخطاء في الكتابة والعبارات والأفكار
 د -يسجل الأخطاء العامة في دفتر خاص ويرشد إلى تصويبها
 ه -يكلف المعلم التلاميذ كتابة تصويب الخطأ مرتين أو ثلاثا , ويحسن أن يشجع المجيد بنشر موضوعه في صحيفة الفصل أوالمدرسة أو بإذاعته في الإذاعة المدرسية لحفز الهمم للتلاميذ

الرياضيات و تدريسها في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي

1/ ماذا نريد من الرياضيات ومن تدريسها
ماذا      نريد  من  الرياضيات ومن  تدريسها في المرحلة الأولى من التعليم  الأساسي ؟ أنريد إرساء قدر كاف من المعارف والمهارات لدى المتعلمين ؟ أم تهيئتهم للتفاعل مع البيئة التي يعيشون فيها ؟ أم تنمية شخصيتهم وتطوير الإمكانات التي تقدرهم على الاستدلال والتعليل؟ أم تأهيلهم لمواصلة التعلم ؟ أم كل هذه الأهداف مجتمعة ؟ وحتى إذا ما تحققت كل هذه الأهداف وفق منظور اندماجي ، هل يصح لنا أن نقول إننا بلغنا ما نريد من تدريس الرياضيات ؟ سؤال لا تمكن الإجابة عنه بالإيجاب غلاّ متى توفّقنا إلى الإجابة عن سؤال يتولّد عنه هو: كيف نحبّب الرّياضيات إلى نفوس أطفالنا ؟
2/ رياضياتورياضيات.
إن النظر في تدريس الرّياضيــات يختلف اختلافا جذريا بين الملمح المألوف الذي يقضي بأن تصوغَ لجان الأهداف أيا كانت دقة الصياغة ودرجة الإحكام ومهما بلغ مدى الأهداف وشمولها وطابعها الاندماجي وتُعِدَّ لها ما ترى أو ما اُتُّـفِقَ على أنه لازم للمتعلمين من المعرفة الأداتية والمنهجية ثم تَضَعَ لها مسارات التعليم وطرائق التعلم المناسبة لتحقيقها وبين الملمح الثاني المأمول القاضي بأن تسعى إلى تقريب الرياضيات وتدريسها من نفوس الناشئة أو، بدرجة أقل ،أن يَحْرِصَ القائمون بالتدريس وعليه الحرص كله على أن لا يُــنَفِّروها من الرياضيات ومن تدريسها ، وهو أضعف الإيمان .ثم يَـتَبَنَّى المدرس ويتبنى المعنيون بالتعلم من التلاميذ ما يناسبهم من أهداف ومعارف ومهارات ومسارات    تعلمية / تعليمية معروضة في منهج هو الحدُّ الأدنى المشترك بين الجميع . لاختلاف بين الملمحين ليس في صياغة هذه الأهداف أو تلك أو اعتماد هذه المقاربة أو تلك أو انتهاج هذا المسار أو ذاك .فهذا ليس بذي أهمية كبرى الاختلاف بين الملمحين في الجوهر أي أنَّه هيكلي ومنهجي. الاختلاف في أن تعتبر الرياضيات مادةً تُدَرَّسُ أو أن تعتبرها غَيْرَ ذلك ، وذلك في المرحلة الأولى من التعليم الأساسي على الأقل حتى لا ينزعج الباحثون في     تعلُّمِيَّة الرياضيات الذين لهم فضائل لا تنكر في تطورها .
3/ الرياضيات في مدرستنا
فإذا اعتبرت الرياضيات مادةً فمعنى ذلك أن لها ما لبقية المواد من المضامين المرتبة والمبوبة التي يغلب عليها الحساب والأرقام والقياس والتوقيت المحدَّد والموزَّع على مدار الأسبوع والسنة ولها ما ليس لغيرها من المعايير الدقيقة والغارقة في الدقة والضاربة في التدقيق منها ما يتصل بالمعارف والمهارات ومنها ما يتصل بالمسارات المفضية إلى الحل ولها ما ليس لغيرها من الضوارب هي الأرفع  والأقوى وهي المحددة للنجاح والفشل الدَّالين وغير الدَّالين ومن مواضيع الاختبارات المغلقة والمنغلقة على نفسها والتوقيت الأطول والموقع المتميِّز والمدروس في روزنامة الامتحانات توقيا لما قد يصيب الممتحن من دوافع الإحباط وأثره على مجرى الاختبار إذا ما تقدم موضع الرياضيات وفشل صاحبها في الأداء .وهو ما يعطي للرياضيات هالة ومهابة .ولها من الكتب والمراجع المدرسية القانونية والموازية ذات التمارين والمسائل العديدة والمتعددة التي يغلب على معظمها اللون الباهت والقاتم والعناوين الجادة التي لا تخرج أكثرها عن السجل المدرسي أو السجل الإشهادي  مثل : "الرياضيات" أو "سبيل النجاح الأوحد" أو "الطريق الوحيدة إلى الارتقاء " وهو وضع شائع بين الكثير من المجتمعات وفي فرنسا على سبيل المثال كتاب في الرياضيات لتلاميذ المرحلة الأولى من التعليم الأساسي بعنوان "الهدف هو الحساب ".وعلى خلاف ذلك فإن سلسلة من الكتب الرياضية صادرة في أمريكا منذ سنوات تحمل عناوين طريفة    ومنهاكتاب في القيس  هذا   عنوانه              Metric can be fun
4/ والرياضيات في نظر العلماء  
أما إذا لم تعتبر الرياضيات مادة فماذا تراها تكون ؟ لعل في نظر الباحثين في تعلُّمية المواد و الرّياضيين إليها ما يسمح بأن تجد لها تعريفا وموقعا ومجالا ولغة . Alain Connes يرى في الرياضيات اكتشافا وخلقا:
" يصح أن نقارن الرياضيَّ أثناء عمله بالمستكشف في سعيه إلى اكتشاف العالم "     و يضيف فيقول:" في بحثه عن الحقيقة الرياضية ، يبتكر الرياضي أدوات تفكيره "كما يرى أن تملك مفاهيمها متوقِّف إلى حدٍّ بعيد على  ميول صاحبها واهتماماته . فهو يؤكد أن " هناك من المجالات الرياضية ما لا أفهمه على الرغم من بساطتها لا لشيء سوى أنها لا تتصل بالمواضيع التي أبحث فيها ".
                أماLaurent Schwartzفيرى  في البحث في مفاهيمها مسارات غير خطية. إذ يقول واصفا عمله :" البحث ينمو وفق نسق يقضي بإقصاء العوائق واحدة بعد الأخرى .فالفكرة تأتينا فجأة . فنبحث ونتقدم ونصل إلى نتيجة نسجلها ونحتفظ بها دون أن ننشرها ثم نمر إلى أمر آخر .ويحدث أن نقتنع بأن في نتيجة تحققت ما يدفعنا إلى مزيد التعمق فنتقدم قليلا ونكتشف أن للمسألة أهمية ... وعلى الباحث أن يقبل الفترات التي يجف فيها تفكيره ساعة أو يوما أو حتى مدى الحياة .والواقع أن الفترات التي يجف فيها الباحث تُعَد أكثر من الفترات التي يَعْثُر فيها على شيء ذي بال ".
ومن العلماء الرياضيين من يعتبر الرياضيات تواصلا. ويقول Jean Dieudonné في هذا الصدد : " أغلب الرياضيين يشعرون بالإحباط إذا لم تتوفر لهم فرص التواصل المنتظم مع زملائهم سعيا إلى الفهم والإفهام . فمجال عملهم المتميز بدرجة عالية من التجريد يقتضي التخاطب مع مختصين من أمثالهم " .
ومنهم من يرى أن للرياضيات أكثر من طريقة في الاستدلال وأنها غير معصومة من الأخطاء وأنها نشاط ذو طابع شخصي على الرغم من التجريد الذي تتميز به.وفي هذا يقولRoland Charnay : " غير الرياضيين من الناس  يعتقدون أن هناك طريقة ثابتة لاكتشاف القواعد الجديدة .وأن التقدم في البحث الرياضي يتم بتراكم النتائج ودون أخطاء كأنما الإنتاج في مجال الرياضيات عمل استنباطي لا دخل فيه للمرء أو لأحاسيسه أو طابعه الشخصي المميز" ويؤكد Henri Poincaréهذا التوجه فيقول :" نحن نستدل بالمنطق لكننا نبتكر بالحدس ".
كما أن منهم من يعتبر حل المشكلات جوهر الرياضيات بوصفها تحديات للمرء وللمعرفة على حد سواء  . وفي هذا المعنى يقول Alain Bouvier  :" هل يصح الحديث عن مسائل غاب عنها التحدي : تحد نحو الذات و/أو تحد نحو المعرفة ؟ " ويضرب العالم الرياضي المشهور Daniel Gorenstein مثالا لذلك فهو يروي كيف أمضى في بحثه عن مفهوم رياضي خمس ساعات في اليوم وكامل أيام الأسبوع وطوال اثنين وخمسين أسبوعا في السنة وذلك منذ سنة1959 إلى سنة  1977دون انقطاع . ويعلِّل هذا الوقت الطويل الذي استغرقه البحث برفع تحد وَجَّهَهُ إلى نفسه إذ يقول :  " أريد أن أحل هذا الإشكال لأنني أريد أن أحله " ومن الرياضيين من  يرى في الرياضيات نشاطا يقتضي متسعا من الوقت . كما أن إحراز النتائج قد يأتي صدفة وبعد جهد ولأي .      و يفسرون ضرورة توفّر هذا المتسع من الوقت بدوافع شخصية كقول LaurentSchwartz متحدثا عن نفسه دون حرج : " الحقيقة أن لي تفكيرا بطيئا " . أما الطابع العفوي وغير المتوقع للنتائج فهو مألوف لدى العلماء والرياضيين . من ذلك أن هذا الأخير يروي كيف أمضى عشر سنوات يبحث عن مفهوم فلم يفلح وذات يوم وهو منهمك في عمل لا علاقة له بموضوع بحثه أدرك أنه يحرز إجابات عن كل الأسئلة التي طرحها على نفسه منذ عشر سنوات .و يعقب على ذلك بقوله : " في هذا الوقت بالذات أصبح العمل ممتعا والنتائج تتساقط كالثمار الناضجة " هكذا الرياضيات في عيون   أصحابها ممن رسخت أقدامهم في العلم : مكانة بين العلوم ومعرفة لا استغناء عنها لكنها اكتشاف وخلق ومسار غير خطي وغير نمطي وفترات من جفاف الفكر قد تطول فيتوقف عن الإنتاج ثم يعود ؛ ونسق في التفكير بطيء لدى بعضهم فلا يرون فيه حرجا ولا يقلل من قيمتهم العلمية ومفاهيم مستعصية على الرغم من بساطتها إذا لم تكن مرتبطة باهتماماتهم وميولهم .كما أن لعلماء الرياضيات فترات من الإلهام يعيشونها مثلما يعيشها الشعراء والفنانون وإن كان اختصاصهم من أشد المجالات دقة وموضوعية .
5/ الرياضيات كما أراها و كما ينبغي أن تكون لدى المتعلمين
إذا كان الأمر بالنسبة إلى علماء الرياضيات على ما ذكرنا مما جاء على لسانهم فإن المتعلمين أولى أن يعيشوها اكتشافا وخلقا وبحثا وتحسسا تجريبيا وإخبارا وتبليغا ولغة رياضية تنمو وتتطور تدريجيا نحو الدقة ومساراتِ حلٍّ تُبنى وتُوَظَّفُ فيها المعرفة الرياضية والمهاراتُ المنهجية المستوجبة والمكتسبة لتُجَرَّبَ وتُقَيَّمَ وتُعَدَّلَ ثم يُعادُ بِنَاؤُها حتى بلوغ الحل النهائي أو الظرفي، الحل الكلي أو الجزئي أو اللا حل. فيصبح الخطأ في الأداة المعرفية و/أو المسارات و/أو المهارات المنهجية وارد والمآزق فيها واردة .لكن السعي إلى تصحيح المسار وإصلاح الخطأ وتجاوز المآزق متاح للجميع أثناء الدرس أو بعده اليوم أو غدا أو بعد شهر أوبعد سنة وربما أكثر دون أن ينجر عن الخطأ أو الوقوع في المآزق المعرفية والمنهجية تبعات وويلات ودون أن ينعت هذا بعدم الفهم أو ذاك ببلادة الذهن أو ثالث بالإهمال أو رابع بالقصور أو خامس بالتقصير.المهم أن لا مكان للإحباط ولا مجال للفشل أيا كانت الدوافع والتبريرات المؤسساتية ( حتمية إنهاء المناهج في موعدها وطابع الاختبارات الإشهادي الذي ينبغي أن يفضي بالقائمين عليه إلى أحد الأمرين : الإقرار بالارتقاء أو الرسوب ) أوالبيداغوجية ( ضبط الأهداف وتخطيط العمل ومراحل الإنجاز الخطية وفق تسلسل زمني يحسب بالدقائق وعدد الحصص وفق هذا المنظور أو ذاك:درس فتطبيق فتقييم أو درس فتقييم فتطبيق أو درس يتضمن التطبيق والتقييم ) أوالتعلمية ( الممثلة في صعوبات النقل البيداغوجي، والعوائق الابستيمولوجية الخاصة ببعض المفاهيم : من ذلك على سبيل المثال الجدل الذي لازال قائما في برمجة المجموعات ومكوناتها منذ بدايات التدريس من التعليم الأساسي؛وهو ما دفع Yves Chevallard إلى القول بما يسميه " مبدأ المراقبة الابستيمولوجية )"
6/ أي مناخ تربوي نريد ؟
         لنبدأ فنسأل : هل المناخ التربوي الراهن يسمح بأن لا نـنفر التلاميذ من الرياضيات وهو أدنى ما ينبغي أن تحققه المدرسة ؟ الإجابة عن هذا السؤال ليست باليسر الذي يتبادر إلى الذهن.فمن الدلائل ما يجعل الإجابة تكون بالنفي.ومن القرائن ما يحمل على الاعتقاد بأن الأمل في التطوير متاح.وليست الأهمية في تقديم إجابة قد لا تحظى بالإجماع الكلي أو الجزئي بل الأهمية في النظر إلى كل ما من شأنه أن يوفِّر، لتدريس الرياضيات ،المناخَ التربوي الملائمَ لجعل المتعلمين لا يَنْـفُرون من الرياضيات دون طرح معطيات الواقع المعقَّد طرحا مجتزئا يُحَمِّلُ المدرِّسَ والتدريسَ أنواعا من القصور أو يُلْقي على الآخرين مسؤولية نُفُورِ المتعلمين من هذه المادة الحيوية .والأهم من كل ذلك أن نبصِّر أنفسنا بمدى مسؤولية التعليم في صياغة الغد القريب والبعيد وأن نَعِيَ أن مستقبل تعليم الرياضيات إنما هو في وضع أولويات جديدة ومتجددة من أجل تعلُّم المستقبل في ما يعرف اليوم بمجتمع المعلومات والمعرفة المتغيرة المتحوِّلة وذات النسق المتسارع.        
        ومن المسائل التي نراها جديرة أن تبحث بعمق ويعاد فيها النظر لتكون حمَّالة تغيير تُرَغِّب المتعلمين في الرياضيات أو ،على الأقل ، لا تُزَهِّدُهم فيها أو تُنَفِّرُهم منها ما يلي:
·       موقع المعرفة فالرياضيات:
ما زالت المعرفة تحتل الصدارة. فهي تدرس في أغلب الحالات لذاتها.فتُخَصَّصُ لها الساعات لتدريسها وتركيزها ودعمها لدى المتعلمين.وتعدُّ لتقييم المكتسبات التمارين المتعددة.وهو ما ينتج عنه تَشَظِّي المعرفة وتَبَعْثُرِها ومن ثمة تَفَكُّك نظرة المتعلم إلى وحدة ما يتعلمه وإلى تجربته وفعاليته .وقلما تُدَرَّسُ الرياضيات لتكون موارد توَّظَّفُ لحل مشكلة أو إعداد مشروع.وهذا التوجُّه لا يُخَفِّضُ في شيء من قيمة المعرفة إذا ما انتقلت إلى موقع لا يَخْتَزِلُها في استظهار أجزاء منها للإجابة عن أسئلة يطرحها تمرين بل يكون دورها الأرفع أن تُوفِّر الأدوات والموارد لحل هذا الإشكال أو ذاك في المدرسة وخارجها وعلى امتداد الحياة .
·        نوع المعرفة في الرياضيات
 أغلب ما يدرس في الرياضيات العدّ ونظم العدِّ وآليات العمليات الأربع والتصرف في المقادير والتصرف في الأشكال الهندسية .وهي معرفة أداتية قلَّما ترتقي إلى إرساء المهارات المنهجية واتخاذ المواقف وبناء المسارات وامتلاك الآليات لتقييم هذه المسارات وتعديلها.
·       الوضعية – المشكل:
أغلب ما يقدم منها تمارين و/أو مسائل مغلقة ومنغلقة هي أقرب إلى التمارين التطبيقية منها إلى الوضعية التي تتيح اكتشاف المفاهيم الرياضية الجديدة أو توظيف المعارف والمهارات لحل ما يعرض فيها من إشكال.ولعلالعديد من المسائل المتعلقة بالوضعية – المشكل مازالت تنتظر التوضيح. ومنها على سبيل الإشارة ما يلي: ما المقصود بالوضعية وما المقصود بالمشكل ؟ هل الوضعية – المشكل تعني مشكلا تتضمنه وضعية ؟ ما علاقة الوضعية-المشكل بالمعارف ؟ هل الوضعية مَعْـبَـرٌ لتقديم المعارف ؟ أم مناسبة لإبراز جوانب منها ؟ وهل مجرد أن تتضمن الوضعية – المشكل معرفة أمر كاف لأن يمتلكها  التلاميذ ؟ أم أن الامتلاك يقتضي تبني هذه المعرفة وبناءها وهيكلتها وإعادة هيكلتها من قبل المتعلم من أجل توظيفها في وضعية أخرى طريفة وغير مألوفة ؟والملاحظ أن الوضعية – المشكل المقدمة في المراحل الأولى من التعليم الأساسي شهدت،في بعض المجتمعات الأخرى، تغييرا من حيث الصياغة والطرح والاستثمار.وهذه أمثلة من المسائل التي تطرح في الفيزياء وأخرى في الرياضيات ؛وهي ليست نماذج للتقليد ولا بضاعة للاستيراد بل أعمال قابلة أن تقرأ بعيون تونسية أو تكتب بلغتنا وضمن الإطار الذي نريده.وقد نضيف إليها وننتج مثلها أو أفضل منها.
 في الفيزياء :
فسِّر ذوبان السكر في الماء.فسِّر لماذا ترتفع حرارة سلك ناقل عندما يسري فيه تيار كهربائي.
 في الرياضيات :
 
 يمكنني أن أحسب بطريقتين مختلفتين أو ثلاث قيس مساحة هذا المثلّث.وذلك دون أن أستعمل الورق الشفاف ودون أن أخرج عن محيط الورقة. اكتشف هذه الطرائق و فَسٍّرْها .
** هل يمكن أن تغطي كامل مساحة هذه  الدائرة بدوائر أخرى ؟
بيِّن ذلك بالرسم و/أو بالتحرير . وهل يمكن أن تغطي كامل مساحة مستطيل أو مربع بدوائر ؟ وبمربعات ؟ وبمستطيلات ؟ بيِّن ذلك بالرسم و/أو بالتحرير .
*** في بعض المعاهد تطرح على المتعلمين  مشاكل حقيقية توظف فيها المعارف الهندسية والفيزيائية والمهارات اليدوية والقدرات على استثمار المعلومات وإمكانيات التجريب والتصحيح والتعديل وتقضي هذه المشاكل   بأن يتولى هؤلاء صنع تجهيزات ذات أغراض عملية يشاركون بها في مسابقات محلية وجهوية و في صورة الفوز في مسابقات وطنية وعالمية  ( في اليابان على وجه الخصوص) في صورة الفوز.ومن الأمثلة صنع آلات كهربائية لرفع كرات التنس وجرِّها.وتمنح لكل متعلم مجموعة من الأدوات الأولية و يعطى وقتا زمنيا وموارد بشرية ومصادر معرفية يعود إليها عند الاقتضاء قصد إنجاز المطلوب.
**** ومن الوضعيات-المشكل التي تطرح  في المدارس الأساسية ، في حصص الهندسة وتحديدا في رسم الرباعيات والمثلثات والمجسمات ، صنع تصاميم مصغرة من الورق المقوَّى أو الخشب أو غيرهما لبنايات حقيقية أو خيالية .         
·       استثمار الوضعية المشكل:
ما زال المسار الخطي والطابع المنعزل المتوحد سائدين.والحال أن تقنيات الاستثمار عديدة ومتعددة . فمنها التعامل مع الوضعية ضمن استراتيجيات التعلم التعاوني.ومنها المسار الدائري التفاعلي الذي يسمح للمتعلمين بالشروح والتعقيبات والمناقشات والتحسس التجريبي وبناء المسارات وتحرير النتائج وتقييمها للتصحيح أو التعديل أو العود من حيث البدء لإعادة البناء بأساليب أخرى وأجهزة معرفية مغايرة .
·       ثنائية "خطأ /  صواب":
هي الغالبة في الوقت الراهن على تقييم عمل التلميذ . أما القائم بها وعليها فهو المدرس دون سواه إلا في ما ندر من الحالات .ودون طعن في هذه الصلاحية التي اكتسبها المدرس بما له من سلطة معرفية . لكن هناك ،مع ذلك، أساليب من التقييم تفاعلية ومتشابكة هي أقرب إلى النقد بمفهومه العلمي منها إلى التقييم المدرسي الذي يختزل عمل المتعلم وقوله في ثنائية الخطأ والصواب.وتستخدم هذه الأساليب
التقييم الذاتي والتقييم المتبادل بين المتعلم والمتعلم والتقييم المشترك بين المدرس والمتعلم والتقييم الآتي من خارج مجموعة العمل أو جماعة الفصل والتقييم  الصادر عن عمل التلميذ ذاته .إذ يفرض إنتاج المتعلم قيمته على مجموعة الفصل أو غيرها فيفوز بالنشر أو في مسابقة الأولمبياد، على سبيل الذكر، دون اللجوء إلى عَدَدٍ من عشرة أو عشرين يسنده المدرِّس إلى تحرير التلميذ.
 ·       تخطيط العمل:
هو أقرب إلى توزيع الأهداف ومضامين المجالات وصياغة الأنشطة المتصلة بها على الحصص والأسابيع والأشهر منه إلى التخطيط.وقلَّما يبرز الفرق ،في ممارسة المدرس،بين التوزيع والتخطيط.فهذا الأخيريطرح مسألتين اثنتين في ظل استراتيجية التعليم / التعلم التي يعتمدها المعلم :
المسألة الأولى تتصل بتعلمية المادة وتتعلق بكيفية جعل المعرفة  قابلة للتمرير وهو ما يثير قضية علاقته وعلاقة تلاميذه بالمعرفة من حيث تحديد درجة الصعوبة وضبط مستويات التجريد وتَخَـيُّر وضعية التعلم . أما المسألة الثانية فتتصل بالجانب البيداغوجي وتتمثل في تَـبَـيُّن العلاقة التفاعلية بين عمل المعلم وعمل المتعلم أثناء حصص الدرس من حيث هيكلة الدرس وملاءمته لمستوى التلاميذ وميولهم وتعديل المسار عند الاقتضاء وانتهاج تقنيات تنشيط تستجيب للمطلوب واعتماد أنماط بيداغوجية تراعي خصائص  المتعلمين المعرفية وتنظيم مجموعات عمل متباينة الأغراض والوظائف منها ما هو للتعاون ومنها ما هو للاستكشاف ومنها ما هو للتناظر.
 *مستويات التعلم :
 لعل الشائع مما يستهدفه التعليم والتقييم في الكثير من مدارسنا ما يطلق عليه بالمراقي المعرفية الدنيا.وقلَّما تبلغ هذه المراقي مستويات أرفع أو أن تتعدى المعارف الأداتية إلى المهارات المنهجية والمواقف والقيم .فتحتل الأدوات الرياضية وآلياتها، من ثمة ، المكانة الرفيعة وتوظف لتحقيقها الطرائق والأساليب والمسارات المناسبة فتمسي النتائج المتصلة بالآليات الحسابية أو القيسية أو الهندسية هي المستهدفة في التعليم وهي المعايير الوحيدة أو الغالبة على الأقل في التقييم للحكم على نجاح المتعلم أو فشله .( في معايير تقييم الرياضيات المعتمدة في المقاربة بالكفايات وعلى الرغم من روح التجديد التي أدخلتها هذه المقاربة على ممارسات التعليم وطرائق التعلم لازال المعيار المتعلق باستخدام الأدوات الرياضية يحتل أربعة أخماس من مجموع العدد المسند إلى الحد الأساسي المقبول.الخُـمُس الباقي  يعود إلى المعيار الخاص بتأويل المسائل ).
        المقاربة بالكفايات :
 هي تمش يستهدف تجويد العملية التربوية والرفع من مردود المؤسسة الداخلي والخارجي بنوعيه الكمي والنوعي عبر تطوير ممارسات المدرسين البيداغوجية وعمل كل الأطراف المعنيين بالفعل التربوي من إداريين وإطار إشراف ومكونين .وكذلك تحسين الرفاه البيداغوجي في المدارس لتقليص الفوارق . ومما أعدَّ في الغرض صياغة الكفايات والأهداف الاندماجية والكفايات الأساسية ضمن  مساري التعلم والتقييم.كما شرع بداية من هذه السنة الدراسية (2001/2000) في تطبيق برامج صيغت وفق المقاربة بالكفايات.لكن الشائع بين عدد من المهتمين بالمقاربة ،وليس الشائع  بوجيه دائما،أن صياغة الأهداف الاندماجية وبناء المناهج وفق منظور هذه المقاربة ،وإن كانا يُؤَسِّسان لتعليم وتعلُّم جيِّدَيْن بمعايير المدِّ العولمي فإنهما لا يُحَقِّقَان وحدهما ودون جهد واجتهاد  تحسين النتائج والرفع من مردود المؤسسات التربوية .الواقع أن للمقاربة قراءة لا ينبغي أن تخفى على أحد وهي أنها تمش تتيح لمطبقها قدرا من الجدوى والفاعلية على قدر ما لديه من الحرفية (أو الصناعة على حدِّ قول العلامة ابن خلدون )في التعليم والتعلم وما يمتلك من قدرة على التبصُّر بمقتضيات التطوُّر في عالم اليوم وعالم الغد القريب والبعيد ؛ومن وعي بالتحوُّل الدائم والمطرد في مهنة المدرس ومهنة المكوِّن ومهنة المتعلم ووظيفة المدرسة ؛ومن قناعة أن أنشطة التدريس والتقييم لن تكون غدا كما كانت عليه بالأمس .وأن قرارات الارتقاء والرسوب والانقطاع لن  تكون ،في ظل المعلوماتية والتعليم عن بُعْدٍ والتعلم مدى الحياة ، بأيدي المدرس والمدرسة وحدهما ولا حسب مشيئتهما؛بل بإرادة المتعلم ولربما بإرادة المتعلم وحده.فالعلاقة المألوفة في المؤسسة التعليمية والقائمة على المعلم والمتعلم المتواجدين في مكان وزمان محدَّدين ومُوحَدَّيْن ستشهد مع التعليم عن بعد والتعلم مدى الحياة تغييرا في ركنين من أهم أركانها : المكان والزمان .فلا حاجة أن يتواجد المتعلم والمعلم في فضاءجغرافي معلوم ولا في حيِّزً زمني مُعيَّن . وما هذا بالخيال العلمي فالخطاب الرئاسي متبصِّـرٌ بها ورائد فيها وحريص على إرسائها في المدرسة التونسية وفق روزنامة محددة المراحل متسارعة النسق .
 ·       وخلاصة القول :
 هل تبقى الرياضيات ويبقى تدريسها خارجين عن مربع تسارع المعرفة وإيصال المعلومة ومواكبة التطور وتحيين طرائق التعليم والتعلم ؟ وهل تبقى مُتأخِّرة عن الخطاب السياسي ؟ وإلى متى تبقى وزارة الإشراف وهياكلُها المُـبَادِرَة بمفردها بالتجديد والداعية إليه والساهرة على إرسائه ؟وهل تظل الرياضيات بطيئة الانخراط في مجلوبات المعلوماتية ( أي صناعة المعالجة الآلية والفورية للمعلومات ) والموصولاتية ( أي إيصال المعلومة الصوتية و/أو المصورة و/أو
 المكتوبة من مكان إلى مكان عبر شبكات سلكية ولا سلكية ) والمدروساتية (أي تطبيق تكنولوجيا التحميل المعلوماتي وأساليب البرمجة التخاطبية بين الإنسان والجهاز) ؟ وهل يكون موقف الرياضيات وتدريسها من المعلوماتية وتطبيقاتها موقف الحذر الذي كانت ولازالت عليه من الصورة والسينما والتلفزة حتى لا نقول الرافض لها مُتَحَصِّنة وراء ما درجت عليه من مناهج وأساليب وآليات لا تخدم بالضرورة مكانة المادة في نفوس المتعلمين بالمرحلة الأولى من التعليم الأساسي ؟ أم أن للرياضيات ولدى
 مدرسيها من المرونة وقابلية التكيُّف مع المتغيرات والمستجدات ما يجعلها تنفلت من الانغلاق والتقوقع لتقترب أكثر فأكثر من نفوس المتعلمين أو على الأقل لتحدَّ من زهدهم فيها وانصرافهم عنها وهو أضعف ما ينبغي أن يكون لدى القائمين بها وعليها من الإيمان ؟ الإجابة بأيدينا نحن معشر المربين لا بأيدي الآخرين.ولعل بياجي أصاب في ما ذهب إليه عندما قال :" التلاميذ لا يفهمون الدروس لا المواد " .

dimanche 9 octobre 2011

ديداكتيك العلوم : النشأة والتطور


                                                  عبد الجليل معروف
سنحاول في هذه المقالة التأريخ لديداكتيك العلوم والبحث في السياق الذي ميز نشأة وتطور هذا المجال المعرفي دوليا ووطنيا. وسنحاول كذلك أن نطرح بعض التساؤلات حول تعامل ديداكتيك العلوم مع الإشكالات المطروحة على مستوى تدريس العلوم دوليا. كما سنتطرق إلى بزوغ هذا المجال المعرفي وطنيا مع النظر إلى المحاولات التي سعت إلى استنباته في التربة المغربية وتكييفه مع واقع منظومة التربية والتكوين والمشاكل التي يطرحها تعليم وتعلم العلوم بالمغرب.
تعتبر ديداكتيك العلوم من العلوم الحديثة التي لم تعرف التطور إلا في العقود الثلاثة الأخيرة. فقد انبثقت من رحم مجموعة من المجالات المعرفية كالبيداغوجيا، علم النفس، الابستومولوجيا، تاريخ العلوم، إلخ. ولم تستطع فرض الاعتراف بها كمجال معرفي إلا في السنوات الأخيرة من خلال النتائج التي ميزتها عن المجالات المعرفية الأخرى وكذا من خلال بناء مفاهيم ومناهج خاصة بها.
ويمكن أن نميز بين مرحلتين أساسيتين : مرحلة ما قبل سنوات الثمانينات التي تميزت بظهور الإرهاصات الأولى لهذا المجال المعرفي الفتي ومرحلة ما بعد هذه السنوات التي تميزت بتطور ملحوظ لهذا المجال.
1 ـ المرحلة الأولى : سنوات النشأة (قبل سنوات الثمانينات)
1 ـ 1 ـ الإرهاصات الأولى
لقد عرفت مرحلة ما قبل سنوات الثمانينات العديد من المحاولات المتعلقة أساسا بتحسين جودة تدريس العلوم. فالبعض يعتقد أن المؤشرات الأولى لانبثاق ديداكتيك العلوم ظهرت بتاريخ 4 أكتوبر 1957، تاريخ إرسال أول مركبة فضائية (سبوتنيك 1) من طرف الاتحاد السوفياتي. فقد اعتبر هذا الحدث تحديا تكنولوجيا للدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية (Closset, 2001). فلم تستطع هذه الأخيرة الرد على هذا التحدي إلا في سنة 1960بوصول أول إنسان إلى سطح القمر وذلك بعد استثمار أموال طائلة.
وقد تبين للمسئولين الأمريكيين أن الاعتماد فقط على الاستثمارات المالية الضخمة لرفع التحدي السوفياتي غير كاف، بل يتطلب الأمر التوفر على الكفاءات العلمية ذات المستوى الرفيع. وقد اتضح فيما بعد أن هذه الكفاءات لا يمكن إعدادها إلا بتحقيق جودة تعليم العلوم وخاصة في المستوى التعليم الثانوي.
ولهذا الغرض أنشأت في الولايات لمتحدة الأمريكية بعض اللجان التي أوكل إليها الاشتغال على مشاريع تتعلق بالرفع من جودة تعليم العلوم، وعلى سبيل المثال نذكر :
ـ 1956 : Physical Science Study Commity (PSSC)
ـ 1964 ـ 1968 : Harvard Physics Projets
ورغم المجهودات التي قامت بها هذه اللجان، فإن أشغالها لم تحقق الأهداف التي أحدثت من أجلها، حيث تبين أن تعلم العلوم لا يتطلب فقط المعرفة الجيدة لهذه العلوم ولكن يتطلب أيضا المعرفة الجيدة للمتعلمين (طريقة تفكيرهم، الصعوبات والعراقيل التي تعترضهم أثناء تعلمهم، ألخ.).
ونفس العمل تم ببعض الدول الأوروبية، حيث أنشأت لجان من أجل تحسين وتجديد تعليم العلوم كلجنة لاغاريغ (Lagarrigue) بفرنسا التي قدمت تقريرا عن رؤيتها لتجديد تعليم العلوم سنة 1971 وبدأت تطبيق توصياتها سنة 1973 ولجنة نيفيلد Nuffield ببريطانيا (1960 ـ 1970) التي عملت على إدخال المنهج الاستقرائي في تدريس العلوم بالمدارس الابتدائية.
وقد ظهرت الإرهاصات الأولى للبحث في ديداكتيك العلوم بفرنسا مع إحداث لجنة لاغاراغ التي كانت تتوفر على مختبر للبحث LIREST الذي كان يشرف عليه دولاكوت Delacôte. كما تم إنشاء مختبر LDPES بجامعة باريس 7 سنة 1978 الذي ركز في أعماله على ديداكتيك العلوم الفيزيائية في الثانوي والسلك الأول الجامعي.

1 ـ 2 ـ المحاولات الأولى
عرفت سنوات ما قبل الثمانينات بعض المقاربات من أجل تحسين تعلم العلوم، نذكر منها :
ـ مقاربة التعلم بالاستكشاف خصوصا في فرنسا
ـ مقاربة أنشطة التفتح العلمي خصوصا في المرحلة الابتدائية
وقد وجهت فيما بعد لهذه المقاربات عدة انتقادات، كالمبالغة في الاستقراء وغياب الاهتمام بالمحتوى من خلال التركيز على الأنشطة المستقلة للمتعلمين. وبالرغم من هذه الانتقادات التي أظهرت محدودية هذه المقاربات، فإن منحاها التجديدي شكل انطلاقة لطرح مجموعة من التساؤلات التي ساعدت فيما بعد على بناء مقاربات جديددة لتعليم العلوم.
فمثلا، محدودية مقاربة «التعلم بالاكتشاف» أدت إلى إعادة النظر في مفهوم «التعلم بالاستقبال» أو ما يسمى ب»التعلم السلبي». ورغم ذلك فإن مفهوم «التعلم بالاستقبال» (Novak, 1979; Ausubel, 1968; Ausubel et al, 1978) قد ساهم في ظهور بعض المفاهيم الأساسية ك»التعلم ذي معنى» أو « التعلم المفيد» أو « الخريطة المفاهيمية» أوبالأخص ما يمكن أن نسميه «المعرفة السابقة للمتعلمين».
وعلى العموم، فقد تميزت مرحلة ما قبل الثمانينات بندرة الأطروحات في مجال ديداكتيك العلوم، كما أن برامج تكوين المدرسين لم تكن تعتمد على أية مرجعية تستند على نتائج البحوث والدراسات في هذا المجال المعرفي الحديث العهد.
فقبل سنوات الثمانينات لم تكن تصدر إلا ثلاث مجلات متخصصة، يتعلق الأمر بمجلتي Science Education و Journal of Research Science الأمريكيتين، الأولى بدأت تصدر ابتداء من سنة 1916 و الثانية ابتداء من سنة 1963 بالإضافة إلى مجلة Studies Science Education البريطانية التي صدر لها أول عدد سنة 1972 (Gil ?Pérez, 1996).

2 ـ المرحلة الثانية : سنوات التطور (مرحلة ما بعد الثمانينات)
مع بداية عقد الثمانينات بدأت تعرف ديداكتيك العلوم تطورا ملموسا وأصبحت مجالا خصبا للبحث والدراسة، والدليل على ذلك هو عدد المقالات العلمية في الديداكتيك الذي أصبح في تزايد مستمر وكذا العدد الهام من المجلات التي بدأت تنشر مجموعة من البحوث والدراسات في مجال ديداكتيك العلوم.
إذن فخلال عقد الثمانينات عرف ديداكتيك العلوم قفزة نوعية وكمية، ولكن يجب الإقرار أن هذه القفزة لم يكن من الممكن أن تتحقق لولا التراكمات التي حصلت قبل هذا العقد.
فمن الأمور التي ساهمت في انبثاق ديداكتيك العلوم وتطورها، نجد المحاولات الأولى التي ارتكزت على مرجعيات نظرية للدفاع عن الطرق النشيطة التي بدأ بعض التربويون يستعملونها قبل عقد الثمانينات في تعليم وتدريس العلوم. ومن الأسماء التي طبعت هذه المحاولات، نجد اسمين بارزين : غاستون باشلار Gaston Bachelard في مجال الابستمولوجيا و جان بياجي Jean Piaget في مجال علم النفس. فالنسبة لباشلار، فقد تم الاعتماد على أعماله لتفسير الأهمية التي يجب إعطاؤها لتمثلات التلاميذ في الأنشطة التعليمية التعلمية. أما بالنسبة لبياجي، فقد تم الاعتماد على أعماله كمراجع سيكولوجية بالأساس. فأعماله تؤكد أن المعرفة تنتج عن نشاط التلميذ وتفاعله مع محيطه. كما أن هناك أعمالا أخرى ساهمت في تطور ديداكتيك العلوم، يتعلق الأمر بالأفكار والمفاهيم المستوردة من مجالي علم النفس الاجتماعي وعلم النفس المعرفي. ولا يمكننا أن نغفل أن الديداكتيك اعتمدت كليا في بدايتها على المناهج المعمول بها في مجالات معرفية أخري كعلم النفس وعلم الاجتماع.
ويعلق اسطولفي Astolfi و دوفلاي Develay (2002) على المنحى الذي اتخذته الديدكتيك في هذه الحقبة قائلين بأنه «تأكد بأن الديداكتيك قد خطا، في ما بين 1980 و1985، خطوات إلى الأمام، لأنه أصبح يضم تفكيرا ذا اتجاهين : نفسي وابستمولوجي ليؤسس بالتالي، دون أن يفرض ذلك، مجموعة من الممارسات البيداغوجية الممكنة»(ص.5 و6).
يتبين من كل ما سبق أن مجموعة من المحاولات والأعمال ساهمت في انبثاق وتطور ديداكتيك العلوم ابتداء من سنوات الثمانينات. وبالفعل، فقد توجت هذه المحاولات بظهور أول برنامج بحث في ديداكتيك العلوم، يتعلق الأمر بدراسة تمثلات التلاميذ.

2 ـ 1 ـ أول برنامج بحث في ديداكتيك العلوم : دراسة تمثلات التلاميذ
أعطى البحث في ديداكتيك العلوم خلال سنوات الثمانينات أهمية قصوى لدراسة تمثلات التلاميذ، وقد قام دويت (Duit, 1993) بتحليل وضح من خلاله تنامي أهمية هذا البرنامج والأولوية التي أصبح يحضا بها اعتمادا على النتائج الواضحة والمقنعة لهذا البرنامج بالمقارنة مع نتائج أعمال أخرى في نفس المجال.
ويمكن القول أن الميزة الأساسية للبحوث المندرجة في إطار هذا البرنامج، بالرغم من ضعف اعتمادها في البداية على مرجعيات نظرية، هي الثبات الكبير لنتائجها، حيث النتائج مستقرة من باحث لآخر ومن دولة لأخرى ومن تلميذ لآخر (Tiberghien, Jossem et Barojas, 1998 ; Viennot, 1996 ; Johsua et Dupin, 1993) ونجد بيبليوغرافيا تجمع ما يناهز 6000 مرجع ب INP بألمانيا تهم الأعمال والأبحاث التي اهتمت بدراسة تمثلات التلاميذ.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا البرنامج لعب دورا أساسيا في إدماج نتائج الدراسات في مجالات معرفية أخرى مثل اللغة (Ross et Sutton, 1982 ; Solomon, 1983)، الابستمولوجيا التكوينية (Driver, 1981 ; Lin, 1987) وبشكل خاص تاريخ وفلسفة العلم (Posner et al, 1982 ; Gilbert et Swift, 1983 ; Matheus, 1990)
وقد اعتمد هذا البرنامج، في مرحلة لاحقة، على المقاربة البنائية كمرجعية أساسية لأغلب الباحثين في ديداكتيك العلوم. وقد ساعدت هذه المقاربة في تطور ديداكتيك العلوم وخصوصا مع بداية عقد التسعينات، حيث أدى التقاء البحث حول التمثلات مع اعتماد المقاربة البنائية إلى نمو الاتفاق حول كيفية توجيه سيرورات التعليم والتعلم.
وقد استطاع برنامج البحث الخاص بدراسة تمثلات التلاميذ أن يطرح أسئلة عميقة حول فعالية التعليم المعتمد على التصورات التي تعتبر أن المعرفة يمكن نقلها أو تحويلها، كما ساهم في صياغة العديد من الأسئلة حول تصورات المدرسين بخصوص تعليم العلوم وتعلمها.

2 ـ 2 ـ ظهور برامج بحث أخرى في ديداكتيك العلوم
في مرحلة لاحقة، أدى الاهتمام بسيرورات التعلم إلى دفع الباحثين في ديداكتيك العلوم (Posner et al, 1982) وفي علم النفس (Carey, 1985) إلى التطرق إلى مفهوم التغيير المفاهيمي، حيث افترضت مجموعة من البحوث أن تعلم العلوم هو عبارة عن تغيير مفاهيمي1 (Posner at al, 1982).
ولكن مع نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات، بدأ الباحثون ينتقدون الاستراتيجيات المعتمدة على مفهوم التغيير المفاهيمي (Duschl et Gitomer, 1991) حيث أظهروا محدودية استراتيجيات التغيير المفاهيمي (Schuell, 1987 ; White et Gunstone, 1989), وبالفعل، فقد أظهرت بعض الدراسات أن التغيير الذي يحصل أثناء التعلم مثله مثل التغيير الذي يقع عندما نمر من نظرية إلى أخرى. فهذا النوع من التغيير يتم في نفس الوقت على المستوى الأنطولوجي، المنهجي والأكسيولوجي داخل مجال مفاهيمي معين. وقد تم كذلك تفسير محدودية استراتيجيات التغيير المفاهيمي بعدم الاهتمام بالمعرفة الإجرائية وكذا الفعالية الجزئية للاستراتيجيات التعليمية المتعلقة بالتغيير المفاهيمي.
وفي أواسط الثمانينات بدأت تظهر بعض البحوث المعتمدة على التراكم الذي تحقق بفضل النتائج المختلفة التي تم التوصل إليها في ديداكتيك العلوم وكذا المفاهيم التي مكنت من دراسة العديد من الظواهر التعليمية التعلمية بنجاح كبير. وهكذا ظهرت بعض البحوث المتعلقة بالنماذج والنمذجة في العلوم التجريبية، حيث طرحت أسئلة مثل : ما هي النظريات والنماذج التي يجب تدريسها ؟ أو التي يتم تدريسها للتلاميذ ؟ ما هو المجال التجريبي الذي يجب أن نربط به النظرية أو النموذج ؟ ما هي النماذج والنظريات المتواجدة في المعرفة العلمية المرجعية ؟
ففي فرنسا، مثلا، تم استعمال نماذج معدة من طرف الباحثين أو مستمدة من الممارسة العلمية لإعداد مقاطع تعليمية (Lemeignan et Weil-Barais, 1993 ; Méheut, 1997, 1998). وفي مرحلة لاحقة، ظهر تيار يؤكد على تملك الوسائل المعرفية التي تمكن المتعلمين من القيام بأنشطة النمذجة. وقد تم التركيز في هذه البحوث على المرجع الامبريقي المتمثل في الأجسام، الظواهر....والذي يحتوي على معارف (وصف الأجسام، السيرورات، القواعد التطبيقية......) (Martinand et al, 1992 ; Orange, 1997).
وقد قام تيار آخر من الباحثين في إطار نفس برنامج البحث بتحليل المعرفة التي يجب تدريسها ومعارف المتعلمين العفوية والعلمية انطلاقا من سيرورات وأنشطة النمذجة. وقد اعتبر التعلم كبناء لمعنى في وضعية معينة انطلاقا من العلاقات التي تربط بين عناصر المعرفة (Tiberghien, 2000). وتجدر الإشارة إلى أنه في هذه الأعمال لم يتم استبعاد حل المشاكل في العلوم من طرف المتعلمين ولكن أعطيت الأسبقية لتحليل المعرفة بواسطة أنشطة النمذجة.
و قد ساهمت فيما بعد مجموعة من الفرضيات التي طرحها بعض الباحثين في تطوير ديداكتيك العلوم، ونجد من ضمن هذه الفرضيات :
- الفرضية التي تعتبر أنه لا يمكن أن نعزل تعلم العلوم (امتلاك المعرفة العلمية) عن فهم طبيعة العلم ومناهجه والعلاقات المتواجدة بين العلم والمجتمع وكذا عن ممارسة العلم (تنمية الخبرة في البحث وحل المشاكل).
- الفرضية التي تعتبر المتعلمين كباحثين مبتدأين والتي تعطي تقييما أفضل للوضعية التعليمية وذلك من خلال الإشكاليات المفتوحة والعمل في المجموعات، الشيء الذي ينسجم مع أعمال فيكوتسكي Vygotski حول دور الخبير في مساعدة أعضاء المجموعة الأقل تجربة و خبرة (Driver, 1993).
- الفرضية التي تعتبر أن الاختزالات المرتبطة بطبيعة العلم تنتقل عبر التدريس كانعكاس للابستمولوجيا العفوية للمدرسين. فمع بداية التسعينات اهتمت الأبحاث بدراسة وجهات نظر المدرسين حول طبيعة العلم، حيث تأكد أنه من غير الممكن تغيير ما يقوم به المدرسون والتلاميذ داخل القسم دون تغيير ابستمولوجيتهم وتصوراتهم حول كيفية بناء المعرفة و حول طبيعة العلم. إن الابستمولوجيا العفوية للمدرسي في نظر بعض الباحثين تخلق عراقيل أمام تجديد تدريس العلوم (Larochelle & Désautels, 1992 ; Gil-Perez, 1996).
- بخصوص تشخيص تمثلات التلاميذ، فإن البعض (Gil-Perez, 1996) يعتقد أنها تبقى سطحية وذلك باعتماد مجموعة من الوسائل (استمارات، مقابلات....) التي تعطي معلومات مباشرة عن إجابات التلاميذ و رد فعلهم. و يطرح مقابل ذلك الاعتماد على مفهوم ‹نطاق النمو الأقرب» «zone de développement proximal» وذلك حتى نتمكن من التعرف بشكل أدق و أعمق على الصعوبات والعراقيل التي تعترض تعلم التلاميذ.
- إنتاج برامج مبنية على مجموعة من الأنشطة المقترحة وكذا برامج بحث والتي يمكنها أن تساعد التلاميذ على بناء معارفهم.
- إعطاء المقاربة البنائية أهمية أكبر في تكوين المدرسين و ذلك عن طريق تنمية تفكيرهم النقدي ووجهات نظرهم حول العلم و تعليم و تعلم العلوم وجعل تكوين المدرسين عبارة عن أنشطة تمكن من بناء و إعادة بناء المعرفة المرتبطة بتعليم و تعلم العلوم.
في السنوات الأخيرة، بدأ البحث يعرف توجهات جديدة من خلال التطرق إلى بعض الإشكالات التي أظهرتها نتائج البحوث السابقة في ديداكتيك العلوم، ويمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر :
- البحث في العلاقات الممكنة بين خطاب المدرس والتعلم الذي يتحقق لدى المتعلم.
- دراسة لحظية النشاط المعرفي للتلميذ ووضعية تعليمية و ربطها بالتطور على المدى البعيد. وهذا الإشكال يرتبط بالمدد الزمنية المعتمدة أثناء البحث، إنه التحدي الذي يجب رفعه لكي نفهم جيدا تطور معارف التلاميذ.
- منهجية الهندسة الديداكتيكية و التصديق الداخلي (validation interne) حيث يتعلق الأمر بالمقارنة بين التحليل القبلي والتحليل البعدي للمقاطع التعليمية. هذا التصديق الداخلي لا يستبعد التصديق الخارجي. وهذه المنهجية تستدعي استغلال نتائج البحث في ديداكتيك العلوم.
- عندما تحذف تكنولوجيا الإعلام و التواصل العمل الإجرائي (travail procédural) الذي تقوم به الآلة و تسمح للتلميذ بالتركيز على المظاهر المفاهيمية، فإنها أصبحت موضع تساؤل حيث حثت بعض البحوث في هذا المجال على رفع التعارض بين ما هو مفاهيمي conceptuel و ما هو إجرائي procédural (Séré, 1998, Laborte, 2001).

3 ـ تطور ديداكتيك العلوم بالمغرب
مع أواسط السبعينات بدأت تظهر الإرهاصات الأولى لديداكتيك العلوم بالمغرب. وقد كان للتعاون مع بعض الدول، خصوصا مع فرنسا وكندا، دورا كبيرا في ظهور هذا المجال المعرفي ببلادنا. ففي هذا السياق تم خلق سلك تكوين أساتذة المراكز التربوية الجهوية (Homologât) بالمركز التربوي الجهوي السويسي بالرباط سنة 1975 وذلك من أجل إعداد بعض الأطر للتكوين بمراكز تكوين الأطر التعليمية نظرا للخصاص الذي كانت تعرفه هذه المراكز في السنوات الأولى لتأسيسها من حيث الموارد البشرية المكلفة بالتكوين البيداغوجي والديداكتيكي .
وبعد ذلك تم التحاق مجموعة من خريجي الجامعات الفرنسية، البلجيكية والكندية المتخصصة في ديداكتيك العلوم من أجل القيام بمهام التكوين الديداكتيكي بمراكز تكوين الأطر التعليمية2.
وعلى إثر التحاق هؤلاء الخريجين بمراكز التكوين، بدأت تعرف هذه المراكز بعض التكوينات الخاصة بالديداكتيك.
ونظرا لتأثر بلادنا بما يقع في بعض الدول الغربية وخصوصا في فرنسا، فقد بدأ يعرف تعليمنا مع بداية الثمانينات إدخال بعض المقاربات في مناهجنا التعليمية وأخص بالذكر إدماج أنشطة التفتح العلمي بالتعليم الابتدائي وإعطاء أهمية أكبر للأنشطة التجريبية في تدريس العلوم بالتعليمين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي.
ومع مرور الوقت، وخصوصا مع بداية عقد التسعينات، بدأنا نلاحظ الاستعمال التدريجي لبعض المفاهيم الديداكتيكية في الخطاب الرسمي (التوجيهات التربوية، المذكرات الوزارية، الميثاق الوطني للتربية والتكوين....).
وقد توجت المجهودات المبذولة لإعطاء وضع اعتباري لديداكتيك العلوم في منظومة التربية والتكوين بإحداث سلك ثالث لديدداكتيك العلوم بالمدرسة العليا للأساتذة التقدم بالرباط والمدرسة العليا للاساتذة بمراكش وكلية علوم التربية بالرباط. حيث تخرج العديد من المكونين المتخصصين في ديداكتيك العلوم. هؤلاء المتخرجين سيضطلعون بمهام تدريس ديداكتيك العلوم بمختلف مراكز تكوين الأطر التعليمية.
وقد أدى تواجد مجموعة من الأساتذة المتخصصين في ديداكتيك العلوم بمؤسسات تكوين الأطر التعليمية إلى خلق العديد من مجموعات وفرق البحث بمختلف مناطق المغرب. وقد توجت هذه الدينامية بتأسيس الشبكة المغربية لديداكتيك العلوم سنة 1998 على هامش فعاليات الملتقي الدولي لديداكتيك العلوم والذي احتضنته كلية العلوم السملالية (Chafiqi, 2002). وقد ركزت هذه المجوعات أعمالها على مجموعة من القضايا التي تستأثر باهتمام الفاعلين في مجال تدريس العلوم بالمدرسة المغربية.
ومع بداية سنة 2000، وتمشيا مع الإصلاح الذي عرفه قطاع التعليم العالي، تم خلق وحدة للبحث والتكوين خاصة بداكتيك العلوم بكلية العلوم ابن مسيك التابعة لجامعة الحسن الثاني المحمدية كما تم خلق دكتوراه في نفس التخصص بكلية العلوم ظهر المهراز ـ جامعة محمد بن عبد الله.
وقد توجت هذه الأعمال بصدور العديد من المقالات العلمية في مجلات دولية ووطنية. وتتميز هذه الأعمال بمقاربتها لمختلف القضايا المرتبط بتدريس العلوم بالمدارس المغربية.

4ـ اقتراحات
لقد عرفت ديداكتيك العلوم بالمغرب تطورا ملموسا في السنوات الأخيرة. إلا أن هذا التطور لم تواكبه المجهودات اللازمة لدعمه وتشجيعه. ويتجلى ذلك أساسا في محدودية المبادرات التي من شأنها أن تخلق الأجواء المناسبة لتشجيع البحث والتجديد في مجال هذا العلم الفتي. ولا يفوتنا أن ننبه أن المسؤولية يتحملها الجميع. فالمسئولون مطالبون بتوفير الشروط الضرورية للرفع من مردودية هذا المجال المعرفي وذلك على مستوى خلق البنيات والدعم المادي أما المشتغلون في هذا الحقل فمطالبون بربط الإشكاليات التي يشتغلون عليها بالمشاكل الحقيقية المطروحة في منظومة التربية والتكوين.
وبناء عليه، فإننا نطرح مجموعة من الاقتراحات التي نرى أنها من الممكن أن تخلق الدينامية المطلوبة وتحقق الأهداف المنشودة. ويمكن أن نلخص هذه الاقتراحات فيما يلي :

خلق مجموعات للبحث التربوي بمراكز تكوين الاطر التعليمية بتنسيق مع النيابات و الأكاديميات
خلق مرصد وطني للبحث التربوي مهمته التنسيق بين المجموعات و تشرف عليه لجنة وطنية
خلق مركز التوثيق للبحث التربوي
خلق شراكات مع مؤسسات و منظمات و مراكز البحث الأجنبية
مهمة المجموعات على المستوى الجهوي : تشخيص المشاكل التربوية، إعداد مشاريع البحث، إحالة المشاريع على اللجنة المركزية للمصادقة عليها
مهمة اللجنة الوطنية : صياغة إستراتيجية وطنية للبحث التربوي، دراسة المشاريع المقدمة و تقدير الكلفة المالية و المصادقة عليها، تتبع و تقييم البحث التربوي
تكوين مجموعات جهوية (مختلطة) : باحثون، مكونون، هيئة المراقبة التربوية، مدرسون
تكوين اللجنة الوطنية : منسق عن كل لجنة جهوية، ممثلون للوزارة الوصية
وضع قائمة للباحثين في مجال التربية و الديداكتيك على المستوى الوطني
وضع قائمة للبحوث المنجزة في مجال التربية و الديداكتيك
تنظيم ملتقيات دورية للباحثين و المهتمين حول مجموعة من القضايا التربوية
تنظيم لقاء وطني كل سنتين لدراسة تطور البحث التربوي والديداكتيكي بالمغرب
خلق موقع على الانترنيت خاص بالبحث التربوي والديداكتيكي بالمغرب لتبادل المعلومات بين مختلف الباحثين و المهتمين
تشجيع خلق وحدات للتكوين و البحث في مختلف الجامعات المغربية
ربط البحث التربوي والديداكتيكي بالمشاكل المطروحة في منظومتنا التربوية

LA DIDACTIQUE DES SCIENCES ET DE LA TECHNOLOGIE ET LA FORMATION DES ENSEIGNANTS


Jean-Louis Martinand 
Les conceptions sur la formation des maîtres sont implicites, diverses, 
contradictoires ; elles oublient trop souvent que les maîtres enseignent des 
disciplines scolaires. Comment penser aujourd'hui la formation des 
enseignants à la prise en charge de leur discipline ? Cet article propose un 
modèle d'analyse qui s'appuie sur deux idées directrices : 
11 l'idée de référence (les activités scolaires sont des images de pratiques 
extérieures à l'école et prises comme références), 
2/ l'idée de professionnalité (les enseignants doivent acquérir une double 
technicité, dans les pratiques de référence d'une part, et dans le guidage 
des activités et des apprentissages scolaires d'autre part). 
L'article présente enfin quelques réflexions sur les formations actuelles, 
inspirées par le "modèle référence-prq)essionnalité"'. 
L'ambition limitée de cette "intervention" (1) est de proposer 
un cadre pour penser la formation des enseignants de 
un cadre pour sciences et de technologie. En effet, dans la dernière 
penser la période, le développement des recherches scientifiques, 
formation l'accumulation des connaissances, les mutations des tech 
niques, l'allongement des durées d'études, les spécialisa 
tions des enseignements universitaires, déstabilisent la 
formation des enseignants. Tous les pays sont confrontés à 
ces défis ; et si les solutions adoptées ne sont pas nécessai 
rement les mêmes, du moins une réflexion commune peut-
elle être féconde. 
1. LES APPORTS DE LA RECHERCHE DIDACTIQUE 
Depuis une vingtaine d'années, la recherche en didactique 
des disciplines scientifiques et technologiques s'est dévelop 
pée et les résultats en apparaissent dans les publications, 
les revues des différents centres de recherches : on peut 
citer, à titre d'exemples et pour des aires culturelles diffé 
rentes, les revues : International Journal of Science 
Education, Ensenanza de las Ciencias, Investigacion en la 
Escuela, Aster, Didaskàlia. Les revues d'associations de 
(1) Ce texte reprend l'intervention faite au Symposium Européen "Les professeurs de science et de technologie : quelle formation pour 
quel enseignement", organisé par le Conseil de l'Europe, du 30 mars au 1
er avril 1994, à la Cité des Sciences et de l'Industrie de Paris. 
ASTER N° 19. 1994. La didactique des sciences en Europe. INRP, 29, rue d'Ulm, 75230 Paris Cedex 05 
62 
recherches sur les 
problèmes 
d'enseignement et 
d'apprentissage 
du point de vue 
des contenus 
deux orientations 
recherches pour 
la connaissance 
recherches pour 
l'intervention 
professeurs, les publications de centres de formation 
d'enseignants, les actes de colloques, témoignent de 
l'existence d'une communauté. 
Qu'est-ce que nous proposent aujourd'hui ces recherches ? 
Contrairement à une idée répandue, la recherche didactique 
ne s'occupe pas avant tout des moyens et des procédés de 
transmettre des connaissances indépendamment des conte 
nus. On peut dire qu'aujourd'hui elle étudie les problèmes 
d'enseignement et d'apprentissage du point de vue des 
contenus, avec une responsabilité vis-à-vis des contenus, ce 
qui ne veut pas dire que les contenus seraient son objet 
propre et exclusif. Il y a là un changement de sens d'un mot, 
comme c'est souvent le cas lorsque s'ouvre un nouveau 
champ de recherche. 
Comme c'est aussi souvent le cas, l'émergence de la 
recherche introduit une tension, en tout cas une différence, 
entre deux orientations : vers la production de connais 
sances fiables, cumulatives, validées, sur les processus 
d'enseignement et d'apprentissage, et vers l'instrumentation 
et l'élucidation des décisions et des interventions volontaires 
dans ces mêmes processus. On peut reconnaître là les dis 
tinctions habituelles entre recherches à visées "fondamen 
tales" et recherches de "développement". Mais dans le cas 
des sciences et techniques de la culture, les choses ne sont 
pas si simples : par exemple, les avancées théoriques sont 
jusqu'à présent, plutôt venues de recherches de "développe 
ment" que des recherches "fondamentales". 
Du côté des recherches pour la connaissance, les travaux se 
sont concentrés sur les conduites des apprenants, parfois 
des enseignants, plus rarement sur leurs interactions. 
Quatre domaines d'étude fournissent de nombreux 
résultats : 
- la représentation des choses, des phénomènes, des pro 
cessus, des procédés, des instruments ; 
- l'appropriation des concepts, des modèles, des théories, 
des langages, des systèmes symboliques ; 
- les raisonnements et stratégies pour accomplir des tâches, 
résoudre des problèmes ; 
- l'image des disciplines, des pratiques, des valeurs, des 
rôles. 
Du côté des recherches pour l'intervention, les travaux de 
recherche, souvent liés à des innovations (dont l'action-
recherche est une modalité), concernent différents aspects 
du curriculum (programme et moyens de sa mise en 
oeuvre) : 
- les évaluations des apprenants, des enseignants, des sys 
tèmes éducatifs ; 
- les composantes des curriculums, en particulier les 
moyens informatiques, les activités expérimentales, les 
manuels ; 
- la sélection, la formulation des objectifs et des contenus ; 
parfois il y a conception-essai-évaluation d'ensemble d'un 
curriculum. 
63 
2. ENSEIGNER LA DIDACTIQUE 
OU MIEUX PENSER LA FORMATION ? 
... dans une 
formation qui 
s'est construite 
indépen 
damment... 
Le très bref panorama précédent n'a pour fonction que de 
introduire les convaincre que les acquis de la recherche didactique sont 
acquis de la visibles et importants : remise en cause de lieux communs, 
recherche découverte de paradoxes, ouverture de possibilités éloignées 
didactique... des coutumes, étayages d'interventions, les résultats et les 
démarches de la recherche peuvent donner matière à la for 
mation. C'est bien ce que pensent de nombreux chercheurs 
en didactique (Vergnaud et al. 1994). 
Mais leurs propositions ne passent pas toujours très facile 
ment dans les centres de formation d'enseignants où ils ne 
sont pas les seuls formateurs. Les réactions au nom d'argu 
ments variés, et en fonction de positions ou de statuts 
divers, sont même quelquefois assez vives : de quel droit la 
didactique "qui est loin d'être une science assurée" aurait-
elle à jouer un rôle majeur, et même fondateur dans la for 
mation des maître ? 
Pratiquement, il ne faut pas oublier que l'enseignement et la 
formation existent déjà. L'intervention des didacticiens-cher-
cheurs ne peut pas se légitimer par les seuls acquis de la 
recherche : ceux-ci sont loin de pouvoir se substituer aux 
formations qui se sont progressivement construites sur une 
base empirique, et dont la place a été stabilisée dans l'insti 
tution par les procédures de qualifications ou de sélections. 
Il revient aux didacticiens de montrer qu'ils peuvent remplir 
les fonctions habituelles des formateurs, et que leurs com 
pétences de chercheurs permettent des progrès. 
Théoriquement, c'est une illusion propre aux chercheurs - et 
éventuellement à quelques administrateurs - que de croire 
qu'en principe, même si on n'en est pas encore là, il va être 
possible de fonder entièrement la formation professionnelle 
sur les seuls résultats de la recherche. Aucune formation 
professionnelle, dans quelque domaine que ce soit, n'a pu 
être construite ainsi ; chacune doit composer avec l'"état de 
l'art", les normes techniques, les exigences sociales. La 
recherche peut anticiper, accompagner, réguler les évolu 
tions ; la prétention de les déterminer est (heureusement) 
hors de sa portée. 
Mais cette tâche d'anticipation, d'accompagnement et de 
régulation est moins simple qu'il n'y paraît. Avons-nous 
aujourd'hui les concepts adéquats, sinon les meilleurs, pour 
poser les problèmes et esquisser des cadres de solutions 
possibles ? Sommes-nous au fond capables de concevoir la 
formation comme un problème, et non comme un assem 
blage de solutions existantes et non questionnables ? 
et mieux : C'est dans cette perspective de problématisation de la for-
problématiser la mation des enseignants des sciences et technologie, ren-
formation voyant aux recherches et réflexions à visées curriculaires, 
que se situe cet exposé. Mais il convient d'abord de prendre 
la mesure des défis auxquels nous sommes confrontés. 
... pour anticiper, 
accompagner, 
réguler... 
64 
3. LES NOUVEAUX DÉFIS DE LA FORMATION 
des contenus 
modifiés de plus 
en plus 
rapidement 
Nouveaux contenus 
Dans l'ordre des choses auxquelles tout le monde pense, 
viennent sans doute en premier lieu les nouveaux contenus. 
La pression exercée par l'accumulation des connaissances 
scientifiques, la spécialisation des compétences techniques, 
entraînent des modifications de plus en plus rapides de 
contenu. On peut se poser la question de savoir si du point 
de vue de l'éducation générale, cette inflation, cette diversifi 
cation, ces "révolutions" sont réellement nombreuses et 
radicales à l'échelle de la vie humaine et si les restructura 
tions des contenus ont vraiment besoin d'être si fréquentes ; 
mais force est de reconnaître que les contenus sont modifiés 
et que ces remaniements répétés sont un défi. 
garder l'initiative 
face à des 
pressions plus 
économiques 
que 
pédagogiques 
Nouveaux moyens 
Les "nouveaux" moyens d'information et de communication, 
les techniques informatiques d'assistance à l'enseignement 
et à l'apprentissage sont loin d'avoir montré toutes leurs 
possibilités. La pression, est sans doute d'origine indus 
trielle et son sens premier est économique plus que pédago 
gique ; mais ce n'est pas une raison pour l'ignorer. L'enjeu 
est ici de garder l'initiative sur le moyen (ordinateur, télé 
enseignement, audiovisuel) c'est-à-dire de bénéficier de tout 
ce que peut apporter le moyen, compte tenu des spécificités 
des contenus et des apprentissages. 
initier aux 
problèmes 
d'environnement, 
de santé, 
de sécurité 
Nouvelles missions 
L'enseignement secondaire est devenu un enseignement de 
masse. D'abord il doit assumer, pour tous, des tâches d'ins 
truction que l'enseignement primaire réalisait en fait pour 
quelques-uns avant la fin des études obligatoires. L'éduca 
tion scientifique et technologique se place bien dans ce 
cadre. En même temps des enjeux importants pour les 
citoyens nouveaux, ou renouvelés, doivent être pris en 
charge par l'enseignement secondaire : éducation pour 
l'environnement, pour la santé, à la sécurité. Il ne s'agit pas 
forcément d'introduire des disciplines ou même des conte 
nus, mais d'amener les disciplines à apporter leur contribu 
tion, pour mieux poser les problèmes d'environnement, de 
santé, de sécurité. 
Nouveaux élèves 
La prolongation des études pour tous amène dans les 
classes de l'enseignement secondaire des élèves que les 
enseignants n'avaient pas l'habitude de "traiter". Leurs rap 
ports au milieu scolaire, aux enseignants, leur rapport au 
savoir et à sa signification, ne sont plus les mêmes. La 
65 
une nouvelle 
"connivence" 
enseignant-
enseigne à 
construire 
"connivence" enseignants-enseignes doit être reconstruite 
sur d'autres bases qui affectent les démarches, les moyens, 
les contenus. 
Il en est de même à l'université : parmi les étudiants, ceux 
qui deviennent enseignants ont suivi des parcours, des 
échecs, des expériences, ont des aspirations, qui en font des 
acteurs aux caractéristiques inédites, et rapidement 
variables d'ailleurs, si l'on en juge par ce qui s'est passé en 
France ces dernières années. 
Nouveaux formateurs 
En réalité, il n'y a que des "anciens" formateurs... 
Face à ces défis, de quoi disposons-nous pour penser la for 
mation ? 
4. MODÈLES POUR PENSER LA FORMATION 
les figures 
multiples 
auxquelles se 
réfère le métier 
d'enseignant 
4.1. Figures 
En France, la difficulté pour penser le métier d'enseignant 
est bien révélée par les comparaisons multiples et contradic 
toires auxquelles le sens commun - y compris le sens com 
mun des formateurs, des chercheurs et des administrateurs 
- fait appel. R. Bourdoncle (1993) a recensé quelques 
"figures" mises en avant : 
- l'"ouvrier", ou l'employé, qui connote l'importance de l'exé 
cution, de la mise en oeuvre d'un programme et de 
moyens selon des prescriptions qui lui sont imposées ; 
- l'"artisan", qui met l'accent sur le service individualisé 
fourni grâce à des savoirs et savoir-faire techniques et 
sociaux habituellement acquis "sur le tas" ; 
- l'"artiste", qui insiste sur l'authenticité, le "don", dans des 
actes où la technique transmissible jouerait un rôle secon 
daire ; 
- le "professionnel", qui applique un savoir rationalisé, et 
dont le type moderne est sans doute le médecin. 
On pourrait y ajouter, parce que sa figure est loin d'avoir 
disparu dans l'imaginaire collectif, le "prêtre", investi d'une 
mission. 
4.2. Modèles 
S'agissant de penser la formation elle-même, je distinguerai 
trois modèles, trois tentatives qui tous contiennent une part 
de vérité et ont donc une certaine fécondité, mais qui sont 
trop partiels, trop superficiels, pour permettre de poser au 
fond le problème de la formation des enseignant du point de 
vue didactique. 
66 
trois axes pour 
catégoriser les 
formations 
existantes 
examiner les 
formations à 
partir des 
compétences 
visées 
considérer 
l'articulation 
compétences 
scientifiques ou 
technologiques/ 
compétences 
pédagogiques 
• Modèle "formation" 
C'est sûrement le plus immédiat, fondé sur les distinctions 
évidentes entre : 
formation académique/formation pédagogique, 
formation théorique/formation pratique, 
formation professionnelle/formation personnelle. 
Au fond, il s'agit de caractériser les tendances principales 
des formations existantes, et tout le monde peut être 
d'accord sur cette catégorisation ; ce sont les équilibres qui 
sont en cause, et là, les débats sont sans fin, puisque rien 
ne permet de sortir des catégories ; seules des recherches 
empiriques sur l'efficacité marginale et l'acceptabilité peu 
vent être imaginées. 
• Modèle "compétences" 
La distinction : 
compétences scientifiques ou technologiques / 
compétences pédagogiques 
permet un pas de plus en ouvrant la discussion sur les for 
mations à partir des compétences visées et non en fonction 
des cursus eux-mêmes. Cependant, elle évite la mise en 
relation entre compétences pédagogiques et compétences 
scientifiques et technologiques qui doit être la marque de 
leur intégration professionnelle. Pour les mêmes raisons, 
une autre question n'a pas de solution rationnelle, et donc 
seulement réponse économique : jusqu'à quel niveau faut-il 
développer les compétences scientifiques et technologiques ? 
et qu'est-ce qu'un "haut niveau" de compétence dans les 
deux ordres ? 
• Modèle "transposition" 
Issu des travaux de didactique, le concept de transposition, 
en attirant l'attention sur les transformations du savoir 
lorsqu'il passe du contexte savant au contexte scolaire, per 
met de poser le problème de l'articulation entre compétence 
scientifique ou technologique et compétence pédagogique. 
L'étude de la chaîne : 
savoir savant -^ 
• savoir à enseigner 
-savoir enseigné 
complétée par l'étude du savoir approprié nous installe bien 
dans une problématique de formation professionnelle 
d'enseignants. 
On peut cependant faire à ce modèle, surtout développé à 
propos des mathématiques, un certain nombre de critiques : 
- vision intellectualiste qui oublie le rapport pratique au 
monde physique, aux substances chimiques, aux êtres 
vivants, aux dispositifs techniques qui fonde le comporte 
ment des physiciens, des chimistes, des biologistes, des 
67 
les critiques du 
modèle 
"transposition" 
technologues : "Je hume" tels sont les premiers mots du 
chimiste P. Laszlo dans son livre La parole des choses ; 
- vision acritique vis-à-vis de la pertinence du savoir savant, 
a priori légitime et légitimant ; 
- vision inadéquate enfin des disciplines scolaires qui se 
construisent pour transmettre des pratiques (écriture, 
langues, arts) qui ne sont pas forcément des savoirs 
savants appliqués. 
C'est pourquoi il paraît nécessaire de chercher un modèle 
plus propre à la formulation des problèmes de conception 
curriculaire et de formation des enseignants. 
5. RÉFÉRENCES ET PROFESSIONNALITÉ 
Deux ambitions sont à la base du modèle qui va être déve 
loppé : 
- la spécificité, la complexité de l'activité de l'enseignement, 
à la base du sa "professionnalité" doivent pouvoir être prises en compte 
modèle proposé : et analysées de façon plus profonde ; 
deux ambitions - le rapport de l'école aux domaines de référence non sco 
laires, où les acquis scolaires doivent pouvoir prendre 
sens, doit être élucidé de façon plus radicale. 
Ces deux ambitions conduisent à deux distinctions : 
- entre pratiques et disciplines, 
- entre école et référence. 
D'où le schéma suivant, où quatre rubriques apparaissent, 
qu'il faut examiner pour elles-mêmes d'abord, dans leurs 
relations ensuite. 
références  école 
pratiques 
production 
service 
recherche 
usage 
disciplines  • sciences s 
appliquées 
• génies 
PRATIQUES 
SOCIO-
TECHNIQUES 
DISCIPLINES 
ACADÉMIQUES • 
PRATIQUES 
- ENSEIGNANTES 
DISCIPLINES 
SCOLAIRES 
activités et 
apprentissages 
contenus et 
démarches 
68 
quelques 
commentaires sur 
les relations 
d'influence 
visualisées sur le 
schéma 
À ce stade, quelques brèves remarques seulement s'impo 
sent. 
1. Une discipline scolaire n'est jamais une réduction ou une 
simplification des disciplines académiques, même 
lorsqu'elles portent le même nom. Les modes de construc 
tion des contenus et des démarches sont plus complexes 
que le modèle de la transposition ne le laisse croire. Il peut y 
avoir création. 
2. Sur ces disciplines, les enseignants sont amenés à déve 
lopper des pratiques d'enseignement scolaire. Ils gèrent des 
apprentissages, mais aussi des activités qui ont leur justifi 
cation en elles-mêmes : investigations, réalisations, projets, 
qui débouchent sur des acquisitions, mais ne sont pas 
directement pilotées en vue de ces acquisitions. 
3. Les enseignants ont été formés par les disciplines acadé 
miques ; c'est par là que passe d'abord les relations de 
celles-ci aux disciplines scolaires. Autant dire que cette for 
mation entraîne des difficultés (conception de la discipline et 
compétences en décalage par rapport aux besoins) autant 
qu'elle peut constituer une culture scientifique ou technolo 
gique. 
4. Par contre, disciplines scolaires et disciplines acadé 
miques "correspondantes" sont les unes comme les autres 
des voies d'accès aux pratiques sociotechniques qui leur 
servent de référence. C'est donc au fond par référence à ces 
pratiques que peut être posé le problème des relations entre 
disciplines scolaires et disciplines académiques. 
C'est ce système de relations d'influence qu'expriment les 
flèches du schéma : 
—• influence forte et fondamentale 
- - •• influence pratique plus ou moins importante 
• influence générale faible. 
Pour aller plus loin, il s'agit maintenant d'étudier chacune 
des quatre rubriques. Dans le cadre de cette présentation, 
seuls quelques aspects seront développés. 
6. LES PRATIQUES DE RÉFÉRENCE 
les savoirs ne sont 
en général 
qu'une des 
composantes 
d'une pratique 
Les contenus et les démarches des disciplines scolaires ou 
académiques renvoient en général à des pratiques sociales : 
production, service, recherche, usage... Pour caractériser 
ces pratiques, il ne suffît pas de prendre en considération 
les savoirs en jeu : objets et instruments, tâches et pro 
blèmes, qualifications et rôles sociaux constituent avec les 
savoirs, les composantes solidaires d'une pratique. Les 
savoirs dépendent en général dans leur nature des autres 
composantes ; les cas où les savoirs peuvent être considérés 
de façon isolée, presque autosufïlsante sont relativement 
rares si l'on se place d'un point de vue sociologique, histo 
rique ou ethnologique. À un moment et dans un contexte 
69 
de l'importance 
de la technicité 
et de ses 
composantes... 
... à la notion de 
registres de 
technicité 
donné, cette autonomisation du savoir peut cependant 
apparaître comme légitime, et justifier ainsi le modèle de 
"transposition" évoqué précédemment. 
Au cœur des pratiques, et donc des pratiques de référence, 
sont les technicités. À la suite de M. Combarnous, on peut 
dégager trois composantes essentielles de toute technicité 
qui s'inscrivent dans la dialectique de l'objet et de l'action : 
- une pensée, une rationalité propres ; c'est-à-dire des pro 
blématiques, des concepts, des normes ; 
- des instrumentations spécifiques, matérielles et symbo 
liques ; 
- une spécialisation, des individus comme des entreprises, 
qui est la condition d'efficacité. 
Avec ces composantes de la technicité, nous sommes direc 
tement au centre des débats éducatifs sur l'intérêt, les fina 
lités, les possibilités de l'éducation scientifique et 
technologique : une pensée dévalorisée ou même niée, des 
instruments trop particuliers, des spécialisations inaccep 
tables sont autant d'arguments contre l'enseignement d'une 
science ou d'une technique ; lorsqu'il s'agit de formation 
générale il faut s'arrêter au moment où il y a "trop de tech 
nicité". 
Ces composantes de la technicité nous introduisent aussi 
au coeur des décisions curriculaires : écarts entre technicité 
dans la ou les références choisies et les contenus des disci 
plines scolaires, rapports entre pratiques familières aux 
apprenants et pratiques de référence, sens des activités et 
des apprentissages. 
Mais la notion de technicité et ses composantes apparais 
sent aujourd'hui insuffisantes pour penser la construction 
et l'évolution des disciplines. C'est pourquoi dans la dernière 
période, à la fois pour la didactique des activités physiques 
et sportives et pour la didactique des sciences et de la tech 
nologie, j'ai proposé la notion de registres de technicité. 
Quatre registres de technicité ont été distingués : 
- registre de la maîtrise : c'est le seul pris habituellement en 
compte, dans les pédagogies de la maîtrise ; mais il n'est 
pas évident qu'il soit toujours le plus pertinent lorsqu'on 
s'intéresse à des formations générales et non profession 
nelles ; 
- registre de la participation : il apparaît lorsqu'il y a capa 
cité à tenir un rôle, mais sans maîtrise, donc avec aide et 
contrôle, dans une pratique ; 
- registre de l'interprétation : c'est celui qui fonctionne 
lorsque sans être forcément capable de faire soi-même, on 
a la capacité de "lire" et d'analyser, d'expliquer une pra 
tique ; 
- registre de la modification : c'est celui qui permet de chan 
ger une pratique, et vraisemblablement suppose que la 
maîtrise ne soit pas trop importante et consolidée. 
70 
des rapports 
entre culture et 
technicité 
Il s'agit bien de registres, et non de niveaux, car il n'y a pas 
hiérarchie sur une dimension. 
Pour terminer ces brèves remarques sur les références et les 
technicités, il faudrait aborder la question de la culture. 
Dans la perspective qui a été adoptée, la culture, qu'elle soit 
professionnelle ou "générale", touche aux rapports avec les 
pratiques de référence. Plus précisément, la culture apparaît 
comme une technicité partagée. Au delà des consensus 
"mous" ou des conflits d'implicites, une telle définition per 
met de poser de manière à la fois théorique et pratique, la 
question des choix pour une formation de "culture". Elle 
peut se généraliser d'ailleurs bien au delà du domaine 
scientifique et technique. 
7. LES DISCIPLINES SCOLAIRES 
Dans le livre tiré de son travail d'habilitation, M. Develay 
(1992) propose un schéma de définition des disciplines sco 
laires, un modèle des "matrices" de discipline. C'est sans 
doute un modèle synthétique d'orientation "constructiviste", 
articulant au mieux des points de vue divers, voire contra 
dictoires. Il s'appuie d'abord sur le concept de transposition, 
complété par la prise en compte des valeurs, et une pédago 
gie de la "situation-problème". Le schéma souffre d'un cer 
tain intellectualisme : la prise en compte de la notion de 
pratique de référence devrait avoir des conséquences plus 
radicales qu'un ajout de quelques considérations sur la 
contextualisation du savoir. C'est avant tout, semble-t-il, un 
schéma topique pour situer diverses propositions issues de 
recherches didactiques. 
Ici, l'ambition est différente : attirer l'attention sur quelques 
questions vives pour penser la formation, en cohérence avec 
le modèle "référence/professionnalité", et spécifiques des 
sciences et de la technologie. 
Quatre questions seront abordées à la suite. 
deux plans très 
différents pour 
définir la 
discipline scolaire 
7.1. Familiarisation pratique 
et élaboration intellectuelle 
C'est une spécificité forte des sciences et de la technologie 
que d'exiger que la discipline scolaire soit définie sur deux 
plans : 
- celui de la familiarisation pratique avec des objets, des 
phénomènes, des procédés, des tâches, des rôles ; familia 
risation à laquelle l'école ne saurait se dérober sans déve 
lopper l'inégalité et rendre incertaine la référence 
empirique des savoirs ; 
- celui de l'élaboration intellectuelle, construction de 
concepts, ajustement de modèles, appropriation de théo 
ries. 
71 
Or, les activités ne sont pas les mêmes et il n'y a pas de cor 
respondance immédiate entre ces deux plans. 
contradiction 
entre l'intérêt de 
la démarche et 
les exigences de 
l'évaluation 
7.2. Sens des contenus et des démarches : 
compétences à acquérir ou expérience à vivre ? 
La justification habituelle pour une éducation scientifique et 
technologique dans l'enseignement général, s'appuie sur 
l'argument de l'intérêt de la démarche, voire de l'esprit 
scientifique, en dehors de toute acquisition de connaissance 
ou de savoir-faire. Parallèlement, les exigences de l'évalua 
tion et du contrôle, la technique des objectifs conduisent à 
valoriser des compétences évaluables. Il est urgent de 
prendre conscience de la contradiction explosive entre ces 
deux points de vues lorsqu'ils sont appliqués sans précau 
tions aux premiers niveaux de l'initiation scientifique et 
technologique. 
recherche d'un 
encyclopédisme 
raisonnable 
gradation des 
contenus et des 
démarches 
7.3. Fonctions et horizons des apprentissages 
À la fin des enseignements secondaires, se posent des pro 
blèmes de choix, et donc de distinction tout aussi graves. Il 
y a un siècle, aux débuts de la "scientifisation de l'économie 
et de la société", une sorte d'allégresse scientiste présidait à 
la définition des contenus : tout était bon à savoir. 
Aujourd'hui, tout le monde est conscient que ce n'est plus 
possible ni pertinent. Chacun dénonce ^encyclopédisme", 
au risque d'ailleurs d'enlever à l'école une de ses justifica 
tions : attirer l'attention sur la richesse du monde environ 
nant et structurer les cadres intellectuels qui permettent de 
la maîtriser. 
Il y a en fait deux problèmes. 
Le premier, celui de la recherche d'un encyclopédisme rai 
sonnable, conduit à distinguer les fonctions des disciplines 
scolaires de la fin du secondaire : 
- discipline de "cœur", axe d'une filière de formation, qui 
apporte la contribution essentielle à la culture de l'élève, 
- discipline de "service", réponse aux besoins des disciplines 
de "cœur", 
- discipline d'ouverture, préparation à l'accueil du nouveau 
qui trouve son origine dans le développement des 
recherches et des innovations. 
Ces distinctions ont des rapports étroits avec les registres de 
la technicité. 
Le second problème, celui de la gradation des contenus et 
des démarches au cours des études, entraîne à clarifier les 
rapports entre commencements, bases et fondements. Il y a 
trop de confusion entre bases et commencements. Les 
bases, c'est ce qui doit faire l'objet à chaque niveau d'une 
reconstruction pour restructurer l'ensemble du savoir : 
comment penser que des bases pourraient être atteintes 
72 
d'emblée ? Les fondements ne sont que les dernières bases, 
d'ailleurs provisoires. 
interaction 
référence/ 
discipline scolaire 
à expliciter 
7.4. Références et disciplines 
La tendance permanente des disciplines scolaires est de 
s'enfermer progressivement dans l'autoréférence, dans une 
boucle contenus - pratiques d'enseignement - évaluation des 
apprentissages - contenus. La question de la référence, le 
recours explicite à des pratiques de références externes, est 
donc une question critique, radicale. Mais tout n'est pas 
donné dans les références ; dans l'action sociale de 
construction des disciplines, il y a aussi la volonté de trans 
former des pratiques de références par les apprentissages. 
C'est donc l'interaction référence-discipline scolaire qui doit 
être explicitée. Ici encore technicité et registres de technicité 
sont sans doute les outils pertinents pour objectiver ces 
relations. 
8. LES DISCIPLINES ACADÉMIQUES 
questionner les 
disciplines 
académiques au 
moyen de l'idée 
de référence 
Les disciplines académiques pourraient faire l'objet d'un 
questionnement systématique par l'idée de référence. Ici, il 
ne s'agit que du questionnement qui s'applique aux disci 
plines académiques en tant que moyen utilisé dans la for 
mation des enseignants. Quatre questions émergent. 
- Quels apports ces disciplines fournissent-elles dans 
l'approche des différentes références : recherches, produc 
tion, usage, etc. ? Dans quels registres de technicité ces 
disciplines font-elles progresser ? 
- Quelle communauté y a-t-il entre les contenus et les 
démarches des disciplines académiques et ceux des disci 
plines scolaires ? Lefèvre et al. (1994) ont montré qu'il n'y 
a aucun rapport entre l'optique enseignée à l'université, 
l'optique enseignée à l'école et les connaissances utiles à 
la photographie. 
- Quels éléments de technicité réellement utilisables dans la 
pratique enseignante sont-ils mis à disposition (manières 
de penser, instruments de laboratoire, etc.) ? 
- Quelle contribution ces disciplines académiques fournis 
sent-elles au développement personnel du futur ensei 
gnant, compte tenu du niveau atteint ? 
Ces questions sont sans doute rudes, mais salutaires, 
lorsqu'il s'agit de négocier les formations des enseignants. 
73 
9. LES PRATIQUES ENSEIGNANTES 
Il reste à dire quelques mots à propos des pratiques ensei 
gnantes, en revenant ainsi à notre thème initial. 
Ce qui rend au fond difficile l'Injection" des acquis de la 
recherche didactique dans la formation des maîtres, c'est 
que la recherche a trop tendance à se placer en fondatrice 
de l'enseignement et de la formation, oubliant qu'elle n'est 
qu'un des processus sociaux qui interviennent sur le même 
penser la champ. C'est pourquoi l'idée directrice de tout ce texte, c'est 
formation de penser la formation comme un problème, non comme 
comme un une application. Bien sûr, la posture de recherche est juste-
problème ment celle qui permet au mieux de penser son objet comme 
problématique. À ce titre, toutes les propositions sont fonda 
mentalement issues de la recherche didactique : elles résul 
tent d'un point de vue didactique sur la formation et 
l'éducation. 
Mais dans la pratique de la formation, comme dans sa 
conception, la place, le rôle de la pratique enseignante sont 
essentiels. C'est plus à la recherche d'en tenir compte, que 
l'inverse, non seulement en approfondissant l'étude des pra 
tiques enseignantes, mais en situant de façon plus explicite 
dans la formation le rapport à la pratique enseignante à côté 
du rapport à la recherche didactique et pédagogique. 
En réalité, tout est "didactique" au sens où le point de vue 
des contenus de la discipline scolaire est directeur. Mais 
trois orientations didactiques coexistent : 
- l'orientation didactique "praticienne", incarnée par les 
maîtres de stages et les maîtres formateurs, centrée sur 
les compétences (et les coutumes) de la pratique ensei 
gnante ; 
- l'orientation didactique "normative", incarnée par les ins 
pecteurs là où ils existent, centrée sur les contenus et les 
démarches du curriculum prescrit ; 
- l'orientation critique et prospective, incarnée par les cher 
cheurs et les innovateurs, qui est bien incapable de per 
mettre le fonctionnement de l'enseignement, mais qui 
assure le rôle irremplaçable de rendre son dynamisme au 
système et à ses agents. 
Comment articuler ces trois orientations concrètement dans 
... à articuler les formations, et chez les formateurs eux-mêmes alors qu'il 
n'y a jamais de rôle exclusif ? Tel semble bien être un pro 
blème majeur et permanent de la formation des ensei 
gnants. 
trois orientations 
didactiques... 
Jean-Louis MARTINAND 
LIREST 
École Normale Supérieure de Cachan 
74 
RÉFÉRENCES BIBLIOGRAPHIQUES 
BLACK, P. J., LUCAS, A.M. (eds) (1993). Children's informal ideas in science. 
London, Routledge. 
BOURDONCLE, R. (1993). "La professionnalisation des enseignants : les limites du 
mythe". Revue Française de Pédagogie, 105, 83-119. 
COLOMB, J. (éd) (1992). Recherches didactiques : contribution à la formation des 
maîtres. Actes du colloque de Paris, février 1992, Paris, INRP. 
COMBARNOUS, M. (1984). Les techniques et la technicité. Paris, Éditions sociales. 
DEVELAY, M. (1992). De l'apprentissage à l'enseignement. Paris, ESF Éditeur. 
DEVELAY, M. (1994). Peut-on former des enseignants ? Paris, ESF Éditeur. 
FABRE, M. (1994). Penser la formation. Paris, PUF. 
GIL, D., CARRASCOSA, J., FURIÔ, C, MARTINEZ-TORREGROSA, J. (1991). La 
ensehanza de las ciencias en la educaciôn secundaria. Barcelona, ICE-HORJORI. 
GOFFARD, M. (1994). Le problème de physique et sa pédagogie. Paris, ADAPT. 
JOHSUA, S., DUPIN, J.J. (1993). Introduction à la didactique des sciences et des 
mathématiques. Paris, PUF. 
LASZLO, P. (1994). La parole des choses. Paris, Herman. 
LEFÈVRE, R., ESCAULT, A., BOULDOIRES, B. (1994). "Conceptions d'étudiants et 
choix des contenus d'enseignement". Les sciences de l'éducation, 1, 69-91. 
LEMEIGNAN, G., WEIL-BARAIS, A. (1993). Construire des concepts en physique. 
Paris, Hachette. 
MARTINAND, J. L. (1994). "Didactique des sciences et formation des enseignants, 
notes d'actualité". Les sciences de l'éducation 1,16-24. 
MARTINAND, J. L. et al. (Équipe INRP-LIREST) (1992). Enseignement et 
apprentissage de la modélisation en sciences. Paris, INRP. 
MARTINAND, J. L. et al. (Équipe INRP-LIREST) (1994). Nouveaux regards sur 
l'enseignement et l'apprentissage de la modélisation en sciences, Paris, INRP, 133 p. 
NACHTIGALL, D. K. (Ed.) (1993). Procedings-Intemational Conference in Physics 
Teachers's Education, Dortmund, September 1992. Dortmund, Pruck-Servia. 
75 
PERRIAULT, J. (1989). La logique de l'usage. Essai sur les machines à communiquer. 
Paris, Flammarion. 
ROBARDET, G., GUILLAUD, J.C. (1993). Éléments d'épistémologie et de didactique 
des sciences physiques. Grenoble, Publications de l'IUFM. 
VERGNAUD, G. (Coord.) (1994). Apprentissages didactiques, où en est-on ? Paris, 
Hachette. 
**** (1990). Les objectifs de la formation scientifique. Actes du colloque de Palaiseau, 
avril 1990. Paris, Société Française de Physique. 
**** (1991). La place de la recherche dans la formation des enseignants : stratégies 
françaises et expériences étrangères. Actes de colloque. Paris, INRP. 
**** (1991). Les tendances nouvelles dans la formation des enseignants : stratégies 
françaises et expériences étrangères. Actes du colloque. Paris, INRP.